خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

قَالَ هَلْ آمَنُكُمْ عَلَيْهِ إِلاَّ كَمَآ أَمِنتُكُمْ عَلَىٰ أَخِيهِ مِن قَبْلُ فَٱللَّهُ خَيْرٌ حَافِظاً وَهُوَ أَرْحَمُ ٱلرَّاحِمِينَ
٦٤
-يوسف

الدر المصون

قوله تعالى: { إِلاَّ كَمَآ أَمِنتُكُمْ }: منصوبٌ على نعتِ مصدرٍ محذوف أو على الحال منه، أي: ائتماناً كائتِماني لكم على أخيه، شبَّه ائتِمانَه لهم على هذا بائتمانِه على ذلك. و "من قبلُ" متعلق بـ"أمِنْتُكم".
قوله: { فَٱللَّهُ خَيْرٌ حَافِظاً } قرأ الأخَوان وحفص "حافظاً" وفيه وجهان، أظهرهما: أنه تمييز، قال أبو البقاء: "ومثل هذا يجوز إضافته". قلت: قد قرأ بذلك الأعمش: { فاللَّه خيرُ حافظٍ }، واللَّه تعالىٰ متَّصِفٌ بأنَّ حِفْظَه يزيد على حِفْظِ غيرِه كقولك: هو أفضل عالم. والثاني: أنه حال، ذكر ذلك الزمخشري وأبو البقاء وغيرُهما. قال الشيخ ـ وقد نقله عن الزمخشري وحده ـ: "وليس بجيد؛ لأنَّ فيه تقييدَ "خير" بهذه الحال". قلت: ولا محذورَ فإن هذه الحالَ لازمةٌ لأنها مؤكدةٌ لا مبيِّنَة، وليس هذا بأولِ حالٍ وَرَدَتْ لازمةً.
وقرأ الباقون "حِفْظاً"، ولم يُجيزوا فيها غير التمييز؛ لأنهم لو جعلوها حالاً لكانت مِنْ صفةِ ما يَصْدُق عليه "خير"، ولا يَصْدُق ذلك على ما يَصْدُق عليه "خير"؛ لأن الحِفْظ معنى من المعاني، ومَنْ يَتَأَوَّلْ "زيدٌ عَدْلٌ" على المبالغة، أو على حذف المضاف، أو على وقوعِ المصدرِ موقعَ الوصفِ يُجِزْ في "حِفْظاً" أيضاً الحالية بالتأويلات المذكورة، وفيه تَعَسُّف.