خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لِرُسُلِهِمْ لَنُخْرِجَنَّـكُمْ مِّنْ أَرْضِنَآ أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا فَأَوْحَىٰ إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ لَنُهْلِكَنَّ ٱلظَّالِمِينَ
١٣
-إبراهيم

الدر المصون

و{ لَنُخْرِجَنَّـكُمْ }: جوابُ قسمٍ مقدَّرٍ، كقوله: "ولَنَصْبِرَنَّ".
قوله: { أَوْ لَتَعُودُنَّ } في "أوْ" ثلاثةُ أوجهٍ، أحدُها: أنها على بابِها مِنْ كونِها لأحدِ الشيئين. والثاني: أنها بمعنى "حتى". والثالث: أنها بمعنى "إلا"، كقولهم: "لأَلْزَمَنَّكَ أو تَقْضِيَني حقي". والقولان الأخيران مَرْدُودان؛ إذ لا يَصِحُّ تركيبُ "حتى" ولا تركيبُ "إلا" مع قولِه "لَتَعُودُونَّ" بخلافِ المثال المتقدم.
والعَوْدُ هنا: يُحتمل أن يكونَ على بابِه، أي: لَتَرْجِعُنَّ. و { فِي مِلَّتِنَا } متعلقٌ به، وأن يكونَ بمعنى الصيرورةِ، فيكونَ الجارُّ في محلِّ نصبٍ خبراً لها، ولم يذكُرْ الزمخشريُّ غيرَه. [قال:] "فإنْ قلتَ: كأنَّهم على مِلَّتهم حتى يَعُودوا فيها. قلت: مَعاذَ اللهِ، ولكنَّ العَوْدَ بمعنى الصيرورة، وهو كثيرٌ في كلام العرب كثرةً فاشيةً، لا تكاد تسمعهم يستعملون "صار"، ولكن "عاد": ما عُدْتُ أراه، عاد لا يكلمني، ما عاد لفلان مالٌ، أو خاطبوا به كلَّ رسولٍ ومَنْ آمن به، فَغَلَّبوا في الخطاب الجماعةَ على الواحد". فقوله "أو خاطبوا" إلى آخره هو الوجهُ الأولُ بالتأويلِ المذكورِ، وهون تأويلٌ حسنٌ.
قوله: { لَنُهْلِكَنَّ } جوابُ قسمٍ مضمر، وذلك القسمُ وجوابُه فيه وجهان، أحدُهما: أنَّه على إضمارِ القول، أي: قال: لَنُهْلِكَنَّ. والثاني: أنه أجرى الإِيحاءَ مُجْرى القول لأه ضَرْبٌ منه.
وقرأ أبو حَيْوَةَ "لَيُهْلِكَنَّ"، و "لَيُسْكِنَنَّكم" بياءِ الغَيْبة مناسَبَةً لقوله "ربُّهم".