خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

أَلَمْ تَرَ أَنَّ ٱللَّهَ خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ بِٱلْحقِّ إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ
١٩
-إبراهيم

الدر المصون

قوله تعالى: { أَلَمْ تَرَ }: قرأ أبو عبد الرحمن بسكونِ الراء وفيه وجهان، أحدُهما: أنه أَجْرَى الوصلَ مُجْرى الوقف. والثاني: أنَّ العربَ حَذَفَتْ لامَ الكلمة عند عدمِ الجازمِ فقالوا: "ولو تَرَ ما الصبيانُ" فلما دخل الجازمُ تخيَّلوا أن الراءَ محلُّ الجزم، ونظيرُه: لم أُبَلْ فإنَّ أصلَه أبالي، ثم حذفوا لامَه رفعاً فلمَّا جزموه لم يَعْتَدُّوا بلامِه، وتوهَّموا الجزم في اللام.
والرؤية هنا قلبيةٌ فـ "أنَّ" في محلِّ المفعولَيْن أو أحدهما على الخلاف. وقرأ الأخَوان هنا { خالقَ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضَ } "خالق" اسمُ فاعلٍ مضافاً لِما بعده، فلذلك خفضوا ما عُطِفَ عليه وهو الأرض. وفي النور:
{ خَالقُ كُلِّ دَآبَّةٍ } [الآية: 45] اسمُ فاعل مضافاً لما بعده. والباقون "خَلَقَ" فعلاً ماضياً، ولذلك نصبوا "الأرضَ" و { كُلِّ دَآبَّةٍ }، فكسرُه "السماواتِ" في قراءة الأخوين خفضٌ، وفي قراءةِ غيرِهما نصبٌ./ ولو قيل بأنه في قراءة الأخوين يجوزُ نَصْبُ "الأرضَّ" على أحدِ وجهين: إمَّا على المحلِّ، وإمَّا على حَذْفِ التنوين لالتقاء الساكنين، فتكون "السماواتِ" منصوبةً لفظاً وموضعاً، لم يمتنعْ، ولكن لم يُقْرأْ به.
و "بالحقِّ: متعلِّقٌ بـ "خلق" على أن الباءَ سببيةٌ، وبمحذوفٍ على أنها حاليةٌ: إمّا من الفاعلِ، أي: مُحِقَّاً، وإمَّا من المفعول، أي: ملتبسةً بالحق.