خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

أَوْ خَلْقاً مِّمَّا يَكْبُرُ فِي صُدُورِكُمْ فَسَيَقُولُونَ مَن يُعِيدُنَا قُلِ ٱلَّذِي فَطَرَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَسَيُنْغِضُونَ إِلَيْكَ رُؤُوسَهُمْ وَيَقُولُونَ مَتَىٰ هُوَ قُلْ عَسَىٰ أَن يَكُونَ قَرِيباً
٥١
-الإسراء

الدر المصون

قوله تعالى: { ٱلَّذِي فَطَرَكُمْ }: فيه ثلاثة أوجه، أحدُها: أنه مبتدأٌ وخبرُه محذوف، أي: الذي فطركم يعيدُكم. وهذا التقديرُ فيه مطابقةٌ بين السؤالِ والجوابِ. والثاني: أنه خبرُ مبتدأ محذوف، أي: مُعِيْدُكم. الذي فطركم. الثالث: أنه فاعلٌ بفعلٍ مقدر، أي: يعيدُكم الذي فطركم، ولهذا صُرِّح بالفعل في نظيره عند قولِه: { { لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ ٱلْعَزِيزُ ٱلْعَلِيمُ } [الزخرف: 9].
و { أَوَّلَ مَرَّةٍ } ظرفُ زمان ناصبُه "فَطَركم".
قوله: "فسَيُنْغِضُون"، أي: يُحَرِّكونها استهزاءً. يقال: أَنْغَضَ رأسَه يُنْغِضها، أي: حَرَّكها إلى فوقُ، وإلى أسفلَ إنغاضاً، فهو مُنْغِضٌ، قال:

3071- أَنَغَضَ نحوي رأسَه وأَقْنَعا كأنه يطلُبُ شيئاً أَطْمعا

وقال آخر:

3072- لَمَّا رَأَتْنِي أَنْغَضَتْ لِي الرَّأْسا

وقال أبو الهيثم: "إذا أُخْبِرَ بشيءٍ فَحَرَّك رأسَه إنكاراً له فقد أَنْغَضَ". قال ذو الرمة:

3073- ظَعائِنُ لم يَسْكُنَّ أَكْنافَ قريةٍ بِسِيْفٍ ولم تَنْغُضْ بهنَّ القَنَاطِرُ

أي: لم تُحَرَّك، وأمَّا نَغَضَ ثلاثياً، يَنْغَضُ ويَنْغُضُ بالفتح والضم، فبمعنى تَحَرَّك، لا يتعدَّى يقال: نَغَضَتْ سِنَّه، أي: تَحَرَّكت، تَنْغُضُ نَغْضاً ونُغوضاً. قال:

3074- ونَغَضَتْ مِنْ هَرَمٍ أسنانُها

قوله: { عَسَىٰ أَن يَكُونَ } يجوز أن تكونَ الناقصة، واسمُها مستترٌ فيها يعودُ على البعثِ والحشرِ المدلولِ عليهما بقوة الكلام، أو لتضمُّنِه في قوله "مَبْعوثون"، و"أن يكونَ" خبرُها، ويجوز أن تكونَ التامَّةَ مسندةً إلى "أنَّ" وما في حيِّزها، واسمُ "يكونَ" ضميرُ البعثِ كما تقدَّم.
وفي "قريباً" وجهان، أحدُهما: أنه خبر "كان" وهو وصفٌ على بابِه. والثاني: أنه ظرفٌ، أي: زماناً قريباً، وأن يكونَ" على هذا تامةٌ، أي: عسى أن يقع العَوْد في زمانٍ قريب.