خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَنُنَزِّلُ مِنَ ٱلْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَآءٌ وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ وَلاَ يَزِيدُ ٱلظَّالِمِينَ إَلاَّ خَسَاراً
٨٢
-الإسراء

الدر المصون

قوله تعالى: { مِنَ ٱلْقُرْآنِ }: في "مِنْ" هذه ثلاثةُ أوجهٍ، أحدُها: أنها لبيانِ الجنسِ، قاله الزمخشري، وابنُ عطية وأبو البقاء. ورَدَّ الشيخُ عليهم: بأنَّ التي للبيان لا بد أن يتقدَّمَها ما تُبَيِّنُه، لا أَنْ تتقدَّمَ هي عليه، وهنا قد وُجِدَ تقديمُها عليه.
الثاني: أنها للتبعيض، وأنكره الحوفي قال: "لأنه يَلْزَمُ أن لا يكونَ بعضُه شفاءً". وأُجيب عنه: بأنَّ إنزالَه إنما هو مُبَعَّضٌ. وهذا الجوابُ ليس بظاهرٍ. وأجاب أبو البقاء بأنَّ منه ما يَشْفي من المرضِ. قلت: وهذا قد وُجِد بدليل رُقْيَةِ بعضِ الصحابةِ سَيِّدَ الحيِّ الذي لُدِغ، بالفاتحةِ فشُفي.
الثالث: أنها لابتداءِ الغاية وهو واضح.
والجمهور على رفع "شِفاءٌ/ ورحمةٌ" خبرين لـ "هو"، والجملةُ صلةٌ لـ"ما" وزيدُ بن علي بنصبهما، وخُرِّجَتْ قراءتُه على نصبِهما على الحال، والصلةُ حينئذٍ "للمؤمنين" وقُدِّمَتْ الحالُ على عاملها المعنويِّ كقولِه
{ { وَٱلسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ } [الزمر: 67] في قراءةِ مَنْ نصب "مَطْوِيَّاتٍ". وقولِ النابغة:

3100- رَهْطُ ابنِ كُوْزٍ مُحْقِبي أَدراعَهم فيهم ورَهْطُ ربيعةَ بنِ حُذارِ

وقيل: منصوبان بإضمارِ فعلٍ، وهذا [عند] مَنْ يمنع تقديمَها على عاملِها المعنوي. وقال أبو البقاء: "وأجاز الكسائيُّ: "ورحمةً" بالنصب عطفاً على "ما". فظاهرُ هذا أن الكسائيَّ بَقَّى "شفاء" على رفعِه، ونَصَبَ "رحمة" فقط عطفاً على "ما" الموصولة كأنه قيل: ونُنَزِّل من القرآن رحمةً، وليس في نَقْله ما يؤذن بأنه تلاها قرآناً. وتقدَّم الخلاف [في] "وننزل" تخفيفاً وتشديداً. والعامَّة على نونِ العظمة. ومجاهد "ويُنْزِل" بياء الغيبة، أي: الله.