قوله تعالى: { لَوْلاَ يُكَلِّمُنَا ٱللَّهُ }: "لولا" و "لَوْما" يكونانِ حَرْفي ابتداءٍ، وقد تقدم ذلك عند قوله { فَلَوْلاَ فَضْلُ ٱللَّهِ } [البقرة: 64]، ويكونان حَرْفَيْ تحضيضٍ بمنزلة: "هَلاَّ" فيختصَّان بالأفعالِ ظاهرةً أو مضمرةً كقوله:
702 ـ تَعُدُّون عَقْرَ النِّيْبِ أفضلَ مَجْدِكُم بنى ضَوْطَرِى لولا الكَمِيَّ المقنَّعا
أي: لولا تَعُدُّون الكميَّ، فإنْ وَرَدَ ما يُوهم وقوعَ الاسمِ بعدَ حرفِ التحضيض يُؤَوَّل كقوله:
703 ـ ونُبِّئْتُ ليلى أَرْسَلَتْ بشفاعةٍ إليَّ فهلاَّ نفسُ لَيْلى شَفِيعُها
فـ"نفسُ ليلى" مرفوعٌ بفعلٍ محذوفٍ يفسِّره "شفيعُها" أي: فَهَلاَّ شَفَعَتْ نفسُ ليلى. وقال أبو البقاء: "إذا وَقَعَ بعدَها المستقبلُ كانَتْ للتحضيضِ وإنْ وَقَعَ [بعدها] الماضي كانَتْ للتوبيخ" وهذا شيءٌ يقولُه علماءُ البيانِ، وهذه الجملةُ التحضيضيةُ في محلِّ نصبٍ بالقول.
قوله: { كَذَلِكَ قَالَ ٱلَّذِينَ } قد تقدَّم الكلامُ على نظيرِه فَلْيُطْلَب هناك. وقرأ أبو حَيْوة وابن أبي إسحاق: "تَشَّابَهَتْ" بتشديد الشين، قال الداني: "وذلك غيرُ جائز لأنه فعلٌ ماض" يعني أن التاءَيْن المزيدتين إنما تجيئان في المضارع فَنُدْغِم، أمَّا الماضي فلا.