خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

أُولَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ ٱشْتَرَوُاْ ٱلضَّلاَلَةَ بِٱلْهُدَىٰ وَٱلْعَذَابَ بِٱلْمَغْفِرَةِ فَمَآ أَصْبَرَهُمْ عَلَى ٱلنَّارِ
١٧٥
-البقرة

الدر المصون

قوله تعالى: { فَمَآ أَصْبَرَهُمْ }: في "ما" هذه خمسةُ أقوالٍ، أحدها: - وهو قولُ سيبويه والجمهور - أنها نكرةٌ تامةٌ غيرُ موصولةٍ ولا موصوفةٍ، وأنَّ معناها التعجب، فإذا قلت: ما أحسنَ زيداً، فمعناه: شيءٌ صَيَّر زيداً حسناً. والثاني: - وإليه ذهب الفراء - أنَّها استفهاميةٌ صَحِبها معنى التعجب، نحو: { كَيْفَ تَكْفُرُونَ } [البقرة: 28]. والثالث: - ويُعْزَى للأخفش - أنها موصولةٌ. والرابعُ: - ويُعْزَى له أيضاً - أنها نكرةٌ موصوفةٌ. وهي على الأقوالِ الأربعةِ في محلِّ رفعٍ بالابتداءِ، وخبرُها على القولين الأوَّلين الجملةُ الفعليةُ بعدها، وعلى قولَيْ الأخفش يكون الخبرُ محذوفاً، فإنَّ الجملةَ بعدها إمَّا صلةٌ أو صفةٌ. وكذلك اختلفوا في "أَفْعل" الواقع بعدَها أهو اسمٌ - وهو قولُ الكوفيين - أم فعلٌ؟ وهو الصحيحُ. ويترتبُ على هذا الخلافِ خلافٌ في نَصْبِ الاسمِ بعدَه: هل هو مفعولٌ به أو مُشَبَّهٌ بالمفعولِ به. ولهذا المذاهبِ دلائلُ واعتراضاتُ وأجوبةٌ ليس هذا موضوعَها.
والمرادُ بالتعجبِ هنا وفي سائرِ القرآنِ الإِعلامُ بحالهم أنها ينبغي أن يُتَعجَّب منها، وإلا فالتعجُّبُ مستحيلٌ في حَقِّه تعالى. ومعنى "على النار" [أي] على عَمَل أهلِ النارِ، وهذا من مجازِ الكلام.
الخامس: أنَّها نافيةٌ، أي: فما أصبرَهم اللهُ على النار، نقله أبو البقاء وليس بشيءٍ.