خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَلاَ تَطْغَوْاْ فِيهِ فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي وَمَن يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوَىٰ
٨١
-طه

الدر المصون

قوله: { فَيَحِلُّ }: قرأ العامة "فيحِلُّ" بكسر الحاء، واللام من "يَحْلِلْ". والكسائيُّ في آخرين بضمِّهما، وابن عتيبة وافق العامَّةَ في الحاء، والكسائيَّ في اللام. فقراءةُ العامَّةِ مِنْ حَلَّ عليه كذا أي: وَجَبَ، مِنْ حَلَّ الدَّيْنُ يَحِلُّ أي: وَجَبَ قضاؤُه. ومنه قولُه: { حَتَّىٰ يَبْلُغَ ٱلْهَدْيُ مَحِلَّهُ } [البقرة: 196] ومنه أيضاً { وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَابٌ مُّقِيمٌ } [الزمر: 40]. وقراءةُ الكسائي مِنْ حَلَّ يَحُلُّ أي: نَزَل، ومنه { أَوْ تَحُلُّ قَرِيباً مِّن دَارِهِمْ } [الرعد: 31].
والمشهورُ أنَّ فاعلَ "يَحلُّ" في القراءتين هو "غضبي". وقال صاحب "اللوامح": "إنه مفعولٌ به، وإنَّ الفاعلَ تُرِك لشُهْرَته، والتقدير: فيحِلُّ عليكم طُغْيانُكم غضبي، ودَلَّ عليه "ولا تَطْغَوا". ولا يجوز أن يُسْند إلى "غضبي" فيصيرَ في موضعِ رفعٍ بفعله". ثم قال: "وقد يُحْذَفُ المفعولُ للدليلِ عليه، وهو "العذابَ" ونحوه". قلت: فعنده أنَّ حَلَّ متعدٍّ بنفسِه لأنه من الإِحلال كما صَرَّح هو به. وإذا كان من الإِحْلال تعدَّىٰ لواحدٍ، وذلك المتعدَّىٰ إليه: إمَّا "غضبي"، على أنَّ الفاعلَ ضميرٌ عائدٌ على الطغيانِ، كما قَدَّره، وإمَّا محذوفٌ، والفاعل "غضبي". وفي عبارته قَلَقٌ.
وقرأ طلحة "لا يَحِلَّنَّ عليكم" بـ"لا" الناهيةِ وكسرِ الحاء، وفتحِ اللامِ مِنْ يَحِلَّنَّ، ونونِ التوكيد المشددة أي: لا تتعرَّضوا للطُغْيان فيحقَّ عليكم غضبي، وهو من باب "لا أُرَيَنَّك ههنا".
وقرأ زيدُ بن علي "ولا تَطْغُوا" بضم الغين مِنْ طغا يَطْغُوا، كغَدا يَغْدو.
وقوله: { فَيَحِلَّ } يجوز أن يكونَ مجزوماً عطفاً على "لا تَطْغَوا" كذا قال أبو البقاء، وفيه نظر؛ إذ المعنىٰ ليس على نَهْيَ الغضبِ أن يَحِلَّ بهم. والثاني: أنَّه منصوبٌ بإضمارِ ِ"أَنْ" في الجواب. وهو واضحٌ.