خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

أَلَمْ تَرَ أَنَّ ٱللَّهَ يُسَبِّحُ لَهُ مَن فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَٱلطَّيْرُ صَآفَّاتٍ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلاَتَهُ وَتَسْبِيحَهُ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ
٤١
-النور

الدر المصون

قوله: { وَٱلطَّيْرُ }: قرأ العامَّةُ "والطيرُ" رفعاً. "صافاتٍ" نصباً: فالرفعُ عطفٌ على "مَنْ" والنصبُ على الحال. وقرأ الأعرج "والطيرَ" نصباً على المفعولِ معه و"صافَّاتٍ" حالٌ أيضاً. وقرأ الحسن وخارجة عن نافع "والطيرُ صافَّاتٌ" برفعِهما على الابتداءِ والخبر. ومفعولُ "صافَّاتٌ" محذوفٌ أي: أجنحَتَها.
قوله: { كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلاَتَهُ } في هذه الضمائرِ أقوالٌ، أحدُها: أنَّها كلَّها عائدةٌ على "كل" أي: كلٌّ قد عَلِمَ هو صلاةَ نفسِه وتسبيحَها. وهذا/ أَوْلَىٰ لتوافُقِ الضمائر. والثاني: أنَّ الضميرَ في "عَلِمَ" عائدٌ على اللهِ تعالىٰ، وفي "صلاتَه وتسبيحَه" عائدٌ على "كل". الثالث: بالعكس أي: عَلِمَ كلٌ صلاةَ الله وتسبيحَه أي: أَمَرَ بهما، وبأن يُفْعَلا كإضافةِ الخَلْقِ إلى الخالق.
ورَجَّحَ أبو البقاء أن يكونَ الفاعلُ ضميرَ "كل" قال: "لأنَّ القراءة برفع"كلٌّ" على الابتداء، فَيَرْجِعُ ضميرُ الفاعلِ إليه، ولو كان فيه ضميرُ اسمِ اللهِ لكان الأوْلى نَصْبَ "كل" لأنَّ الفعلَ الذي بعدها قد نَصَبَ ما هو مِنْ سببِها، فيَصيرُ كقولك: "زيداً ضربَ عمروٌ غلامَه" فتنصِبُ "زيداً" بفعلٍ دَلَّ عليه ما بعده، وهو أقوىٰ من الرفع، والآخر جائز". قلت: وليس كما ذكر مِنْ ترجيحِ النصب على الرفعِ في هذه الصورةِ، ولا في هذه السورة، بل نصَّ النحويون على أن مثلَ هذه الصورةِ يُرَجَّحُ رفعُها بالابتداء على نصبها على الاشتغال؛ لأنه لم يكُنْ ثَمَّ قَرينةٌ من القرائنِ التي جعلوها مُرَجِّحةً للنصب، والنصب يُحْوِجُ إلى إضمارٍ، والرفعُ لا يُحْوج إليه، فكانَ أرجحَ.