خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

إِن يَنصُرْكُمُ ٱللَّهُ فَلاَ غَالِبَ لَكُمْ وَإِن يَخْذُلْكُمْ فَمَن ذَا ٱلَّذِي يَنصُرُكُم مِّنْ بَعْدِهِ وَعَلَى ٱللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ ٱلْمُؤْمِنُونَ
١٦٠
-آل عمران

الدر المصون

قوله تعالى: { إِن يَنصُرْكُمُ ٱللَّهُ فَلاَ غَالِبَ }: شرطٌ وجوابُه. وقوله: { وَإِن يَخْذُلْكُمْ } مثلُه، وهذا التفاتٌ من الغَيْبة إلى الخطاب، كذا قاله الشيخ، يعني من الغَيْبة في قوله: { لِنتَ لَهُمْ } و{ لاَنْفَضُّواْ } و{ فَٱعْفُ عَنْهُمْ وَٱسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ }. وفيه نظرٌ. وجاء قولُه: { فَلاَ غَالِبَ } جواباً للشرط وهو نفيٌ صريح، وقولُه { فَمَن ذَا ٱلَّذِي } وهو متضمِّنٌ للنفي جواباً للشرط الثاني تلَطُّفاً بالمؤمنين حيث صَرَّح لهم بعدم الغَلَبةِ في الأولِ، ولم يُصَرِّحْ لهم بأنه لا ناصِرَ لهم في الثاني، بل أتى في صورةِ الاستفهامِ وإنْ كان معناه نفياً.
وقوله: { فَمَن ذَا ٱلَّذِي } قد تقدَّم مثلُه في البقرة وأقوالُ الناس فيه. والهاءُ في "مِنْ بعدِه" فيها وجهان، أحدُهما ـ وهو الأظهر ـ أنها تعودُ على اللهِ تعالى، وفيه احتمالان، أحدُهما: أَنْ يكونَ ذلك على حَذْفِ مضافٍ أي: مِنْ بعدِ خِذْلانِه. والثاني: أنه لا يُحتاج إلى ذلك، ويكون معنى الكلام: إنكم إذا جَوَّزْتموه إلى غيرِه وقد خَذَلكم فَمَنْ تجاوزون إليه وينصُركم؟ والوجه الثاني: أن تعودَ على الخِذْلان المفهوم من الفعلِ وهو نظيرُ:
{ ٱعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ } [المائدة: 8].
وقوله: { وَعَلَى ٱللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ ٱلْمُؤْمِنُونَ } إنَّما قَدَّم الجارَّ ليؤذن بالاختصاص أي: ليخُصَّ المؤمنون ربَّهم بالتوكُّل عليه والتفويضِ لعلمهم أنه لا ناصرَ لهم سواه، وهو معنىً حسن ذكره الزمخشري. وقرأ الجمهور: "ويَخْذُلْكم" بفتح الياء مِنْ "خَذَله" ثلاثياً، وقرأ عبيد بن عمير: "يُخْذِلْكم" بضمها مِنْ أخذل رباعياً، والهمزةُ فيه لجَعْل الشيءِ، أي: يَجْعَلْكم مخذولين.