قوله تعالى: {لَمَن يُؤْمِنُ}: اللام لام الابتداء دَخَلَتْ على اسم "إنَّ" لتأخُّره عنها. و{مِنْ أَهْلِ} خبرٌ مقدم، و"مَنْ" يجوزُ أن تكونَ موصولةً، وهو الأظهرُ، وموصوفةً أي: لقوماً، و"يؤمِنْ" صلةٌ على الأول فلا محلَّ له، وصفةٌ على الثاني فمحلُّه النصب, وأتَى هنا بالصلةِ مستقبلةً وإن كان ذلك قد مضى، دلالةً على الاستمرارِ والديمومة.
قوله: {خَاشِعِينَ} فيه أربعةُ أوجه، أحدها: أنه حالٌ من الضمير في "يؤمنُ"، وجَمَعَه حَمْلاً على معنى "مَنْ" كما جَمَع في قوله: "إليهم"، وبدأ بالحمل على اللفظ ـ في "يُؤمِنُ" ـ على الحمل على المعنى لأنه الأَوْلى. الثاني: أنه حالٌ من الضمير في "إليهم"، فالعامل فيه "أنزل". الثالث: أنه حالٌ من الضمير في "يَشْترون"، وتقديمُ ما في حَيِّز "لا" عليها جائزٌ على الصحيح، وتقدَّم شيء من ذلك في الفاتحة. الرابع: أنه صفةٌ لـ"مَنْ" إذ قيل بأنها نكرةٌ موصوفةٌ، وأمَّا الأوجهُ فجائزةٌ سواءً كانت موصولةً أو نكرةً موصوفة.
قوله: "لله" فيه وجهان، أحدُهما: أنه متعلقٌ بـ"خاشعين" أي لأجلِ الله. والثاني: أن يتعلَّقَ بـ"لا يَشْتُرون" ذكره أبو البقاء، قال: "وهو في نيةِ التأخير، أي: لا يشترون بآيات الله ثمناً قليلاً لأجل الله".
قوله: {لاَ يَشْتَرُونَ} كقولِه: "خاشعين" إلا في الوجه الثالث لتعذُّرِه، ونزيد عليه وجهاً آخرَ: وهو أن يكونَ حالاً من الضمير المستكنِّ في "خاشعين" أي: غيرَ مشترين. وتقدَّم معنى الخشوع والاشتراء وما قيل فيه وفي الباء في البقرة.
قوله: {أُوْلۤـٰئِكَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ} "أولئك" مبتدأ. وأمَّا {لَهُمْ أَجْرُهُمْ} ففيه ثلاثة أوجه، أحدها: أن يكون "لهم" خبراًً مقدماً، و"أجرهم" مبتدأ مؤخرٌ، والجملةُ خبر الأول، وعلى هذا فالظرف فيه وجهان، أحدُهما: أنه متعلقٌ بـ"أجرهم"، والثاني: أنه حالٌ من الضمير في "لهم" وهو ضميرُ الأجرِ لأنه واقعٌ خبراً.
الوجه الثاني: أن يرتفعَ "أجرُهم" بالجارِّ قبله، وفي الظرف الوجهان، إلاَّ أنَّ الحالَ من "أجرهم" الظاهرُ، لأنَّ "لهم" لا ضميرَ فيه حينئذٍ. الثالث: أنَّ الظرفَ هو خبرُ "أجرهم" و"لهم" متعلق بما تعلَّقَ به هذا الظرفُ من الثبوتِ والاستقرار. ومن هنا إلى آخر السورة تقدَّم إعراب نظائره.