خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَلَوْ دُخِلَتْ عَلَيْهِمْ مِّنْ أَقْطَارِهَا ثُمَّ سُئِلُواْ ٱلْفِتْنَةَ لآتَوْهَا وَمَا تَلَبَّثُواْ بِهَآ إِلاَّ يَسِيراً
١٤
-الأحزاب

الدر المصون

قوله: { مِّنْ أَقْطَارِهَا }: الأَقْطار جمع قُطْر بضمِّ القاف، وهي الناحيةُ. وفيه لغةٌ: قُتْر وأَقْتار بالتاء. والقُطْر: الجانب أيضاً. ومنه قَطَرْتُه أي: أَلْقَيْتُه على قُطْرِه فَتَقَطَّر أي: وقع عليه. قال الشاعر:

3682 ـ قد عَلِمَتْ سَلْمى وجاراتُها ما قَطَّر الفارسَ إلاَّ أنا

وفي المَثَل "الانفضاض يقطر الحلب" تفسيرُه: أنَّ القومَ إذا انَفَضُّوا أي: فَني زادُهم احتاجوا إلى حَلْبِ الإِبلِ. وسُمِّي القَطْرا قَطْراً لسقوطِه.
قوله: "ثم سُئِلوا" قرأ مجاهد "سُوْيِلُوا" بواوٍ ساكنة ثم ياءٍ مكسورةٍ كقُوتلوا. حكى أبو زيد هما يَتَساوَلان بالواو. والحسنُ "سُوْلُوا" بواوٍ ساكنةٍ فقط، فاحتملت وجهين، [أحدهما]: أَنْ يكونَ أصلُها سُئِلوا كالعامَّةِ ثم خُفِّفَتِ الكسرةُ فسَكَنَتْ، كقولِهم في "ضَرِب" بالكسر: ضَرْب بالسكون فَسَكَنت الهمزةُ بعد ضمة فقُلِبت واواً نحو: بُوْس في بُؤْس. والثاني: أن تكونَ مِنْ لغة الواو. ونُقل عن أبي عمرو أنه قرأ "سِيْلُوا" بياءٍ ساكنةٍ بعد كسرةٍ نحو: مِيْلُوا.
قوله: "لأَتَوْها" قرأ نافعٌ وابن كثيرِ بالقصر بمعنى لَجأْؤُوْها وغَشِيُوها. والباقون بالمدِّ بمعنى: لأَعْطَوْها. ومفعولُه الثاني محذوفٌ تقديره: لآتَوْها السَّائلين. والمعنى: ولو دَخَلْتَ البيوتَ أو المدينة مِنْ جميع نواحيها، ثم سُئِل أهلُها الفتنةَ لم يمتنعوا من إعطائِها. وقراءةُ المَدِّ تَسْتَلْزِمُ قراءةَ القصرِ من غيرِ عكسٍ بهذا المعنى الخاص.
قوله: "إلاَّ يَسِيراً" أي: إلاَّ تَلَبُّثاً أو إلاَّ زماناً يسيراً. وكذلك قولُه:
{ { إِلاَّ قَلِيلاً } [الأحزاب: 16] أي: إلا تَمَتُّعاً أو إلاَّ زماناً قليلاً.