خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

مَّلْعُونِينَ أَيْنَمَا ثُقِفُوۤاْ أُخِذُواْ وَقُتِّلُواْ تَقْتِيلاً
٦١
-الأحزاب

الدر المصون

قوله: { مَّلْعُونِينَ }: حالٌ مِنْ فاعل "يُجاوِرونك" قاله ابن عطية والزمخشري وأبو البقاء. قال ابن عطية: "لأنه بمعنى يَنْتَفُوْن منها ملعونين". وقال الزمخشري: "دَخَلَ حرفُ الاستثناء على الحالِ والظرفِ معاً كما مَرَّ في قوله: { { إِلاَّ أَن يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَىٰ طَعَامٍ غَيْرَ } [الأحزاب: 53]. قلت: وقد تقدَّم بحثُ الشيخِ معه وهو عائدٌ هنا. وجَوَّزَ الزمخشريُّ أَنْ ينتَصِبَ على الشتمِ. وجَوَّز ابنُ عطية أَنْ يكونَ بدلاً مِنْ "قليلاً" على أنه حال كما تقدَّم تقريرُه. ويجوزُ أَنْ يكونَ "مَلْعونين" نعتاً لـ "قليلاً" على أنه منصوبٌ على الاستثناءِ مِنْ واو "يُجاوِرُوْنَك" كما تقدَّم تقريرُه. أي: لا يُجاورُك منهم أحدٌ إلاَّ قليلاً ملعوناً. ويجوز أَنْ يكونَ منصوباً بـ "أُخِذُوا" الذي هو جوابُ الشرطِ. وهذا عند الكسائيِّ والفراء فإنهما يُجيزان تقديمَ معمولِ الجواب على أداةِ الشرط نحو: "خيراً إْن تَأْتِني تُصِبْ".
وقد منع الزمخشريُّ ذلك فقال: "ولا يَصِحُّ أنْ ينتصِبَ بـ "أُخِذُوا" لأنَّ ما بعد كلمة الشرطِ لا يَعْمل فيما قبلَها". وهذا منه مَشْيٌ على الجادَّةِ. وقوله: "ما بعد كلمةِ الشرط" يشملُ فعلَ الشرطِ والجوابِ. فأمَّا الجوابُ فتقدَّم حكمُه، وأمَّا الشرطُ فأجاز الكسائيُّ أيضاً تقديمَ معمولِه على الأداة نحو: "زيداً إنْ تَضْرِبْ أُهِنْكَ". فتلخَّص في المسألة ثلاثةُ مذاهبَ: المَنعُ مطلقاً، الجوازُ مطلقاً، التفصيلُ: يجوز تقديمُه معمولاً للجواب، ولا يجوزُ تقديمُه معمولاً للشرط، وهو رأيُ الفرَّاء.
قوله: "وقُتِّلوا" العامَّةُ على التشديد. وقُرِئ بالتخفيف. وهذه يَرُدُّها مجيءُ المصدرِ على التَّفْعيل إلاَّ أَنْ يُقالَ: جاء على غيرِ صَدْرِه. وقوله: "سُنَّةُ اللَّهِ" قد تقدَّم نظيرها.