خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَللَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ وَلَقَدْ وَصَّيْنَا ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَإِن تَكْفُرُواْ فَإِنَّ للَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ وَكَانَ ٱللَّهُ غَنِيّاً حَمِيداً
١٣١
-النساء

الدر المصون

قوله تعالى: { وَإِيَّاكُمْ }: عطف على "الذين أُوتوا" وهو واجبُ الفصلِ هنا لتعذُّرِ الاتصال. واستدلَّ بعضُهم على أنه إذا قُدِر على الضمير المتصل يجوز أن يُعْدَلَ إلى المنفصل بهذه الآية، لأنه كان يمكن أن يقال: "ولقد وَصَّيْناكم والذين أوتوا" وكذلك استُدِلَّ بقوله تعالى: { { يُخْرِجُونَ ٱلرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ } [الممتحنة: 1]، إذ يمكن أن يقالَ: يخرجونكم والرسولَ. وهذا ليس يَدُلّ له، أمَّا الآيةُ الأولى فلأنَّ الكلامَ فيها جاء على الترتيب الوجودي، فإنَّ وصية مَنْ قبلَنا قبلَ وصيتنا، فلمَّا قَصَدَ هذا المعنى استحال - والحالةُ هذه- أَنْ يُقْدَر عليه متصلاً. وأما الآية الثانية فلأنه قصد فيها تقدُّمَ ذِكْرِ الرسول تشريفاً له وتشنيعاً على مَنْ تجاسر على مثلِ ذلك الفعل الفظيع، فاستحال - والحالة هذه - أن يُجاء به متصلاً. "ومِنْ قبلكم" يجوزُ أَنْ يتعلق بـ"أوتوا" ويجوز أَنْ يتعلَّق بـ"وَصَّيْنا" والأولُ أظهرُ.
قوله: { أَنِ ٱتَّقُواْ } يجوزُ في "أن" وجهان، أحدهما: أن تكونَ مصدريةً على حَذْفِ حرفِ الخفض تقديره: بأن اتَّقوا، فلما حُذِف الحرفُ جَرى فيها الخلافُ المشهور. والثاني: أن تكون المفسرةَ لأنها بعد ما هو بمعنى القول لا حروفِه وهو الوصية. والظاهر أن قوله: { وَإِن تَكْفُرُواْ } جملة مستأنفة للإِخبار بهذه الحال ليست داخلة في معمول الوصية. وقال الزمخشري: "وإنْ تكفروا فإن لله" عطفٌ على "اتقوا" لأنَّ المعنى: أمرناهم وأمرناكم بالتقوى، وقُلْنا لهم ولكم إنْ تكفروا" وفي كلامِه نظرٌ، لأنَّ تقديرَه القولَ ينفي كونَ الجملةِ الشرطيةِ مندرجةً في حَيِّزِ الوصيةِ بالنسبة إلى الصناعة النحوية، وهو لم يقصد تفسيرَ المعنى فقط، بل قَصَدَه هو وتفسيرَ الإِعرابِ بدليل قوله: "عطف على "اتقوا" و"اتقوا" داخلٌ في حَيِّز الوصيةِ، سواءً أَجَعَلْتَ "أن" مصدريةً أم مفسرة.