خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

رُّسُلاً مُّبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى ٱللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ ٱلرُّسُلِ وَكَانَ ٱللَّهُ عَزِيزاً حَكِيماً
١٦٥
-النساء

الدر المصون

قوله تعالى: { رُّسُلاً مُّبَشِّرِينَ }: فيه أربعة أوجه، أحدها: أنه بدل من "رسلاً" الأول في قراءة الجمهور، وعَبَّر الزمخشري عن هذا بنصبه على التكرير، كذا فهم عنه الشيخ الثاني: انه منصوبٌ على الحال الموطئة، كقولك: "مررت بزيدٍ رجلاً صالحاً" ومعنى الموطئة أي: إنَّها ليست مقصودةً، إنما المقصودُ صفتُها، ألا ترى ان الرجولية مفهومة من قولك "بزيد" وإنما المقصودُ وصفُه بالصلاحية. الثالث: أنه نُصب بإضمار فعل أي: أَرْسَلْنا رسلاً. الرابع: أنه منصوبٌ على المدح، قَدَّره أبو البقاء بـ"أعني"، وكان ينبغي أن يقدِّره فعلاً دالاً على المدح نحو: "أمدح" وقد رجَّح الزمخشري هذا الأخير فقال: "والأوجَهُ أن ينتصِبَ "رسلاً" على المدح".
قوله: { لِئَلاَّ } هذه لام كي، وتتعلَّقُ بـ"منذرين" على المختار عند البصريين، وبـ"مبشِّرين" على المختار عند الكوفيين، فإنه المسألةَ من التنازع، ولو كان من إعمالِ الأول لأضمرَ في الثاني من غير حذفٍ فكان يُقال: مبشِّرين ومنذرين له لئلا، ولم يَقُلُّ كذلك فدلَّ عل مذهب البصريين، وله في القرآن نظائرُ تقدَّم منها جملة صالحة. وقيل: اللام تتعلقُ بمحذوف أي: أرسلناهم لذلك. و"حُجَّةٌ اسمُ "كان"، وفي الخبر وجهان، أحدُهما: هو "على الله" و"للناس" حال، والثاني، أن الخبرَ "للناس" و"على الله" حال، ويجوز أن يتعلق كلُّ من الجارِّ والمجرور بما تعلَّقَ به الآخرُ إذا جَعَلْناه خبراً، ولا يجوزُ أن يتعلقَ على الله بـ "حجة"، وإنْ كان المعنى عليه؛ لأنَّ معمولَ المصدر لا يتقدَّم عليه. و"بعد الرسل" متلعقٌ بـ "حجة"، ويجوز أن يتعلَّقَ بمحذوف على أنه صفةٌ لـ "حُجَّة" لأنَّ ظروف [الزمان] تُوصَفُ بها الأحداثُ كما يُخْبر بها عنها نحو: "القتالُ يوم الجمعة".