خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

ذَلِكَ جَزَآءُ أَعْدَآءِ ٱللَّهِ ٱلنَّارُ لَهُمْ فِيهَا دَارُ الخُلْدِ جَزَآءً بِمَا كَانُوا بِآياتِنَا يَجْحَدُونَ
٢٨
-فصلت

الدر المصون

قوله: { ذَلِكَ }: فيه وجهان، أحدهما: أنه مبتدأٌ و"جزاءُ" خبره. والثاني: أنه خبرُ مبتدأ محذوفٍ أي: الأمرُ ذلك و{ جَزَآءُ أَعْدَآءِ ٱللَّهِ ٱلنَّارُ } جملةٌ مستقلةٌ مبيِّنَةٌ للجملةِ قبلَها.
قوله: "النارُ" فيه ثلاثةُ أوجهٍ، أحدُها: أنها بدلٌ مِنْ "جزاء"، وفيه نظرٌ؛ إذ البدلُ يَحُلُّ مَحَلَّ المبدلِ منه، فيصيرُ التقديرُ: ذلك النار. الثاني: أنها خبرُ مبتدأ مضمرٍ. الثالث: أنها مبتدأٌ، و{ لَهُمْ فِيهَا دَارُ الخُلْدِ } الخبر. و"دارُ" يجوز ارتفاعُها بالفاعليَّة أو الابتداءِ.
وقوله: { فِيهَا دَارُ الخُلْدِ } يقتضي أَنْ تكونَ "دارُ الخلد" غيرَ النارِ، وليس الأمرُ كذلك، بل النارُ هي نفسُ دارِ الخُلْدِ. وأُجيب عن ذلك: بأنَّه قد يُجْعَلُ الشيءُ ظَرْفاً لنفسِه باعتبارِ متعلَّقِه على سبيل المبالغةِ، كأنَّ ذلك المتعلَّقَ صار مستقَراً له، وهو أبلغُ مِنْ نسبةِ المتعلَّقِ إليه على سبيلِ الإِخبارِ به عنه، ومثلُه قولُه:

3959 ـ .......................... وفي اللَّهِ إنْ لم يُنْصِفُوا حَكَمٌ عَدْلُ

وقوله تعالى: { { لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ ٱللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ } [الأحزاب: 21]، والرسولُ عليه السلام هو نفسُ الأُسْوةِ. كذا أجابوا. وفيه نظرٌ؛ إذ الظاهرُ - وهو معنىً صحيحٌ منقولٌ - أنَّ في النار داراً تُسَمَّى دارَ الخلدِ، والنارُ مُحيطةٌ بها.
قوله: "جَزاءً" في نصبِه ثلاثةُ أوجهٍ، أحدُها: أنَّه منصوبٌ بفعلٍ مقدرٍ، وهو مصدرٌ مؤكدٌ أي: يُجْزَوْن جزاءَ. الثاني: أَنْ يكونَ منصوباً بالمصدرِ الذي قبلَه، وهو { جَزَآءُ أَعْدَآءِ ٱللَّهِ }، والمصدرُ يُنْصَبُ بمثلِه كقوله/:
{ { فَإِنَّ جَهَنَّمَ جَزَآؤُكُمْ جَزَاءً } [الإسراء: 63]. الثالث: أَنْ يَنْتَصِبَ على أنه مصدرٌ واقعٌ موقعَ الحالِ، و"بما" متعلِّقٌ بـ "جَزاء" الثاني، إنْ لم يكنْ مؤكِّداً، وبالأول إن كان، و"بآياتِنا" متعلِّقٌ بـ "يَجْحَدون".