خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَقَالُواْ قُلُوبُنَا فِيۤ أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ وَفِي آذانِنَا وَقْرٌ وَمِن بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حِجَابٌ فَٱعْمَلْ إِنَّنَا عَامِلُونَ
٥
-فصلت

الدر المصون

قوله: { فِيۤ أَكِنَّةٍ }: قال الزمخشري: "فإنْ قُلْتَ: هَلاَّ قيل: على قلوبِنا أكنَّةٌ كما قيل: وفي آذاننا وَقْرٌ، ليكونَ الكلامُ على نَمَطٍ واحد. قلت: هو على نَمَطٍ واحدٍ؛ لأنَّه لا فَرْقَ في المعنى بين قولِك: قلوبُنا في أكنَّةٍ، وعلى قلوبِنا أكنَّةٌ، والدليلُ عليه قولُه تعالى: { { وَجَعَلْنَا عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً } [الأنعام: 25]، ولو قيل: جَعَلْنا قلوبَهم في أكنَّةٍ لم يختلفِ المعنى، وترى المطابيعَ منهم لا يَرَوْن الطباقَ والملاحظةَ إلاَّ في المعاني". قال الشيخ: "و "في" هنا أَبْلَغُ مِنْ "على" لأنَّهم قَصَدوا الإِفراطَ في عَدَمِ القبول بحُصول قلوبِهِم في أكنَّةٍ احتوَتْ عليها احتواءَ الظرفِ على المظروفِ، فلا يمكنُ أَنْ يَصِلَ إليها شيءٌ، كما تقول: "المالُ في الكيس" بخلافِ قولِك: "على المالِ كيسٌ"، فإنَّه لا يَدُلُّ على الحصر وعدمِ الوصولِ دلالةَ الوعاءِ، وأمَّا "وجعلنا" فهو من إخبار اللَّهِ تعالى فلا يَحْتاجُ إلى مبالغةٍ". وتقدَّمَ تفسيرُ الأَكنَّة والوقر./
وقرأ طلحة بكسر الواوِ وتقدَّم الفرقُ بينهما.
قوله: "ممَّا تَدْعُوْنا" مِنْ في "ممَّا" وفي "ومِنْ بَيْنِنا" لابتداءِ الغايةِ فالمعنى: أنَّ الحجابَ ابتدأ مِنَّا وابتدأ منك، فالمسافةُ المتوسطةُ لجهتِنا وجهتِك مُسْتوعبةٌ لا فراغَ فيها، فلو لم تَأْت "مِنْ" لكان المعنى: أنَّ حجاباً حاصلٌ وسطَ الجهتين، والمقصودُ المبالغَةُ بالتبايُنِ المُفْرِط، فلذلك جيْءَ بـ "مِنْ" قاله الزمخشري. وقال أبو البقاءِ: "هو محمولٌ على المعنى؛ لأنَّ المعنى: في أكنَّةٍ محجوبةٍ عن سماعِ ما تَدْعُونا إليه، ولا يجوزُ أَنْ يكونَ نعتاً لـ "أكنَّة"؛ لأنَّ الأكنَّةَ الأغشيةُ، وليسَتِ الأغشيةُ ممَّا يُدْعَوْنَ إليه".