خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَسَخَّرَ لَكُمْ مَّا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ جَمِيعاً مِّنْهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لأيَٰتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ
١٣
-الجاثية

الدر المصون

قوله: { جَمِيعاً مِّنْهُ }: "جميعاً" حالٌ مِنْ { مَّا فِي ٱلسَّمَاوَاتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ } أو توكيدٌ. وقد عدَّها ابنُ مالكٍ في ألفاظِه. و"منه" يجوزُ أَنْ يتعلَّقَ بمحذوفٍ صفةً لـ "جميعاً"، وأَنْ يتعلَّقَ بـ "سَخَّر" أي: هو صادرٌ مِنْ جهته ومِنْ عندِه. وجَوَّزَ الزمخشريُّ في "منه" أَنْ يكونَ خبرَ ابتداءٍ مضمرٍ أي: هي جميعاً منه، وأَنْ تكونَ { وَمَا فِي ٱلأَرْضِ } مبتدأً، و"منه" خبرَه. قال الشيخ: "وهذان لا يجوزان إلاَّ على رَأْيِ الأخفش مِنْ حيث إنَّ الحالَ تَقدَّمَتْ بمعنى جميعاً، فقُدِّمَتْ على عاملِها المعنويِّ، يعني الجارَّ، فهي نظيرُ: "زيد قائماً في الدار". والعامَّةُ على "مِنْه" جارّاً ومجروراً. [وقرأ] ابن عباس بكسرِ الميمِ وتشديدِ النونِ ونصبِ التاءِ، جعله مصدراً مِنْ: مَنَّ يَمُنَّ مِنَّةً، فانتصابُه عنده على المصدرِ المؤكِّد: إمَّا بعاملٍ مضمرٍ، وإمَّا بسَخَّر؛ لأنَّه بمعناه. قال أبو حاتم: "سَندُ هذه القراءةِ إلى ابنِ عباسِ مظلمٌ". قلت: قد رُوِيَتْ أيضاً عن جماعة جِلَّةٍ غيرِ ابنِ عباس، فنقلها ابنُ خالويه عنه وعن عبيد بن عمير، ونقلها صاحبُ "اللوامح" وابنُ جني، عن ابن عباس وعبد الله بن عمرو والجحدري وعبد الله بن عبيد بن عمير.
وقرأ مَسْلمة بن محارب كذلك، إلاَّ أنَّه رفع التاءَ جَعَلَها خبرَ ابتداءٍ مضمرٍ أي: هي منه. وقرأ أيضاً في روايةٍ أخرى بفتحِ الميم وتشديدِ النون وهاءِ كنايةٍ مضمومة، جعله مصدراً مضافاً لضمير الله تعالى.
ورَفْعُه من وجهين، أحدهما بالفاعلية بـ "سَخَّر" أي: سَخَّر لكم هذه الأشياءَ مَنُّه عليكم. والثاني: أَنْ يكونَ خبرَ مبتدأ مضمرٍ أي: هو، أو ذلك مَنُّه عليكم.