خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

تِلْكَ ءَايَٰتُ ٱللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِٱلْحَقِّ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ ٱللَّهِ وَءَايَٰتِهِ يُؤْمِنُونَ
٦
-الجاثية

الدر المصون

قوله: { نَتْلُوهَا }: يجوز أَنْ يكونَ خبراً لـ "تلك" و"آيات الله" بدلٌ أو عطفُ بيانٍ. ويجوزُ أَنْ تكونَ "تلك آيات" مبتدأً أو خبراً، و"نَتْلُوها" حالٌ. قال الزمخشري: "والعاملُ ما دَلَّ عليه "تلك" مِنْ معنى الإِشارةِ ونحوُه: { { وَهَـٰذَا بَعْلِي شَيْخاً } [هود: 72]. قال الشيخ: "وليس نحوَه؛ لأنَّ في { { وَهَـٰذَا بَعْلِي شَيْخاً } [هود: 72] حرفَ تنبيه. وقيل: العاملُ في الحالِ ما دَل عليه حرفُ التنبيهِ أي: تَنَبَّهْ. وأمَّا "تلك" فليس فيها حرفُ تنبيهٍ؛ فإذا كان حرفُ التنبيهِ عاملاً بما فيه مِنْ معنى التنبيهِ، لأنَّ الحرفَ قد يَعْمَلُ في الحال، فالمعنى: تَنَبَّه لزيدٍ في حال شيخِه أو في حال قيامِه. وقيل: العاملُ في مثل هذا التركيبِ فعلٌ محذوفٌ يَدُلُّ عليه المعنى، أي: انظرْ إليه في حالِ شيخه، ولا يكون اسمُ الإِشارةِ عاملاً ولا حرفُ التنبيهِ إنْ كان هناك.
قلت: بل الآيةُ نحوَ
{ { وَهَـٰذَا بَعْلِي شَيْخاً } [هود: 72] من حيثيةِ نسبةِ العملِ لاسمِ الإِشارةِ. غايةُ ما ثَمَّ أنَّ في الآيةِ الأخرى ما يَصْلُحُ أَنْ يكونَ عاملاً، وهذا لا يَقْدَحُ في التنظيرِ إذا قَصَدْتَ جهةً مشتركةً. وأمَّا إضمارُ الفعلِ فهو مشتركٌ في الموضعَيْن عند مَنْ يَرَى ذلك. قال ابنُ عطيَة: "وفي "نتْلوها" حَذْفُ مضافٍ أي: نَتْلُوْ شَأْنَها وشَرْحَ العِبْرَةِ فيها. ويُحتمل أَنْ يريدَ بآيات الله القرآنَ المنزَّلَ في هذا المعنى، فلا يكونُ فيها حَذْفُ مضافٍ"/ وقرأ بعضُهم "يَتْلوها" بياءِ الغَيْبةِ عائداً على الباري تعالى. و"بالحَقِّ" حالٌ من الفاعل أي: مُلْتَبسِينَ بالحق، و من المفعولِ أي: مُلْتَبسةً بالحقِّ. ويجوزُ أَنْ تكونَ للسببيَّةِ فتتعلَّقَ بنفس "نَتْلوها".
قوله: { بَعْدَ ٱللَّهِ وَآيَاتِهِ }. قال الزمخشريُّ: "أي: بعد آياتِ اللَّهِ فهو كقولِكَ: أَعْجبني زيدٌ وكرمُه تريدُ كرمَ زيدٍ". ورَدَّ عليه الشيخُ: بأنَّه ليس مُراداً، بل المرادُ إعجابان، وبأنَّ فيه إقحامَ الأسماءِ مِنْ غيرِ ضرورة. قال: "وهذا قَلْبٌ لحقائقِ النحو".
وقرأ الحرميَّان وأبو عمروٍ وعاصمٌ في روايةٍ "يُؤْمنون" بياء الغيبة. والباقون بتاءِ الخطاب. وقوله: "فبأيِّ" متعلِّقٌ به، قُدِّم لأنَّ له صدرَ الكلامِ.