خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّىٰ إِذَا فَرِحُواْ بِمَآ أُوتُوۤاْ أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُّبْلِسُونَ
٤٤
-الأنعام

الدر المصون

قوله تعالى: { فَتَحْنَا }: قرأ الجمهور "فَتَحْنا" مخفَّفاً، وابن عامر "فتَّحنا" مثقلاً، والتثقيلُ مُؤْذِنٌ بالتكثير؛ لأنَّ بعده "أبواب" فناسب التكثير، والتخفيف هو الأصل. وقرأ ابنُ عامر أيضاً في الأعراف: { { لَفَتَحْنَا } [الآية: 96] وفي القمر: { { فَفَتَحْنَآ أَبْوَابَ } [الآية: 11] بالتشديد أيضاً، وشدَّد أيضاً { { فُتِحَتْ يَأْجُوجُ } [الأنبياء: 96] والخلاف أيضاً في { { فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا } [الآيتين: 71، 73] في الزمر في الموضعين، { { وَفُتِحَتِ ٱلسَّمَآءُ } [الآية: 19] في النبأ، فإن الجماعة وافقوا ابن عامر على تشديدها، ولم يَقْرَأْها بالتخفيف إلا الكوفيون، فقد جرى ابن عامر على نمطٍ واحد في هذا الفعل، والباقون شدَّدوا في المواضع الثلاثة المشارِ إليها، وخفَّفوا في الباقي جَمْعاً بين اللغتين.
قوله: { فَإِذَا هُمْ مُّبْلِسُونَ } "إذا" هي الفجائية وفيها ثلاثة مذاهب مذهب سيبويه أنها ظرف مكان، ومذهب جماعة منهم والرياشي أنها ظرفُ زمانٍ، ومذهب الكوفيين أنها حرف. فعلى تقدير كونها ظرفاً مكاناً أو زماناً الناصبُ لها خبر المبتدأ، أي أُبْلِسوا في مكان إقامتهم أو في زمانها.
والإِبلاسُ: الإِطراق، وقيل: هو الحُزْن المعترض من شدة البأس، ومنه اشْتُقَّ "إبليس" وقد تقدَّم في موضعه وأنه هل هو أعجمي أم لا؟
قوله: { فَقُطِعَ دَابِرُ } الجمهور على "فَقُطِع" مبنيّاً للمفعول. "دابر" مرفوع به. وقرأ عكرمة: "قطع" مبنياً للفاعل وهو الله تعالى، "دابر" مفعول به، وفيه التفاتٌ، إذ هو خروج من تكلم في قوله: "أخذناهم" إلى غيبة. والدابِرُ: التابع من خلف، يقال: دَبَر الولدُ والدَه، ودَبَر فلان القوم يَدْبُرُهم دُبُوراً ودَبْراً. وقيل: الدابِر: الأصل، يقال: قطع الله دابِرَه أي: أصله، قال الأصمعي. وقال أبو عبيد: "دابرُ القوم آخرُهم"، وأنشدوا لأميَّة بن ابي الصلت:

1928- فاستُؤْصِلوا بعذابٍ حَصَّ دابِرَهُمْ فما استطاعوا له صَرْفاً ولا انتصروا

ومنه: دَبَر السهمُ الهدفَ أي: سقَط خلفَه.