خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ قَتَلَهُمْ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ رَمَىٰ وَلِيُبْلِيَ ٱلْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلاۤءً حَسَناً إِنَّ ٱللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ
١٧
-الأنفال

الدر المصون

قوله تعالى: { فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ }: في هذه الفاء وجهان أحدهما ـ وبه قال الزمخشري ـ: أنها جوابُ شرطٍ مقدر أي: إن افتخرتم بقَتْلهم فَلَمْ تقتلوهم"، قال الشيخ: "وليست جواباً بل لرَبْطِ الكلام بعضِه ببعض".
قوله: { وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ قَتَلَهُمْ } قرأ الأخَوان وابن عامر "ولكن الله قَتَلهم"ولكن الله رمى" بتخفيف "لكن" ورفع الجلالة، والباقون بالتشديد ونصب الجلالة. وقد تقدَّم توجيهُ القراءتين مُشْبعاً في قوله
{ وَلَـٰكِنَّ ٱلشَّيْاطِينَ } [البقرة: 104]. وجاءت هنا "لكن" أحسن مجيْءٍ لوقوعها بين نفي وإثبات، وقوله: { وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ } نفى عنه الرَّميَ وأثبته له، وذلك باعتبارين: أي: ما رَمَيْتَ على الحقيقة إذ رَمَيْتَ في ظاهر الحال، أو ما رَمَيْتَ الرُّعْبَ في قلوبهم إذ رَمَيْت الحَصَيَات والتراب. وقوله: "وما رَمَيْتَ" هذه الجملة عطفٌ على قوله "فلم تقتلوهم" لأنَّ المضارع المنفي بـ لم في قوة الماضي المنفي بـ "ما"، فإنك إذا قلت: "لم يَقُم" كان معناه ما قام. ولم يقل هنا: فلم تقتلوهم إذ قتلتموهم، كما قال: "إذ رَمَيْت" مبالغةً في الجملة الثانية.
قوله: { وَلِيُبْلِيَ ٱلْمُؤْمِنِينَ }، متعلِّقٌ بمحذوف أي: وليبليَ فَعَلَ ذلك. أو يكون معطوفاً على علةٍ محذوفة أي: ولكن الله رَمَى ليمحق الكفار وليُبْلي المؤمنين. والبلاء في الخير والشر. قال زهير:

2400ـ ................ وأبلاهما خيرَ البلاء الذي يبلو

والهاءُ في "منه" تعود على الظفر بالمشركين. وقيل: على الرمي قالهما مكي. والظاهر أنها تعود على الله تعالى.