خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَلَوْ رَحِمْنَاهُمْ وَكَشَفْنَا مَا بِهِمْ مِّن ضُرٍّ لَّلَجُّواْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ
٧٥
وَلَقَدْ أَخَذْنَاهُمْ بِٱلْعَذَابِ فَمَا ٱسْتَكَانُواْ لِرَبِّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ
٧٦
حَتَّىٰ إِذَا فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَاباً ذَا عَذَابٍ شَدِيدٍ إِذَا هُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ
٧٧
-المؤمنون

التسهيل لعلوم التنزيل

{ وَلَوْ رَحِمْنَاهُمْ } الآية: قال الأكثرون: نزلت هذه الآية حين دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم على قريش بالقحط فنالهم الجوع حتى أكلوا الجلود وغيرها، فالمعنى رحمناهم بالخصب وكشفنا ما بهم من ضرّ الجوع والقحط: لتمادوا على طغيانهم، وفي هذا عندي نظر، فإنَّ الآية مكية باتفاق، وإنما دعا النبي صلى الله عليه وسلم على قريش بعد الهجرة حسبما ورد في الحديث، وقيل: المعنى لو رحمناهم بالرد إلى الدنيا لعادوا لما نهوا عنه، وهذا القول لا يلزم عليه ما لزم على الآخر، ولكنه خرج عن معنى الآية: { وَلَقَدْ أَخَذْنَاهُمْ بِٱلْعَذَابِ } قيل: إن هذا العذاب هو الجوع بالقحط، وأن الباب ذا العذاب الشديد المتوعد به بعد هذا يوم بدر، وهذا مردود بأن العذاب الذي أصابهم إنما كان بعد بدر، وقيل إن العذاب الذي أخذهم هو يوم بدر، والباب المتوعد به هو القحط، وقيل: الباب ذو العذاب الشديد: عذاب الآخرة، وهذا أرجح، ولذلك وصفه بالشدّة لأنه أشد من عذاب الدنيا، وقال: { إِذَا هُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ }: أي يائسون من الخير، وإنما يقع لهم اليأس في الآخرة كقوله { وَيَوْمَ تَقُومُ ٱلسَّاعَةُ يُبْلِسُ ٱلْمُجْرِمُونَ } [الروم: 12].
{ فَمَا ٱسْتَكَانُواْ } أي ما تذللوا لله عز وجل، وقد تقدم الكلام على هذه الكلمة في آخر [آل عمران: 146] { وَمَا يَتَضَرَّعُونَ } إن قيل: هلا قال: فما استكانوا وما تضرعوا، أو فما يستكينون وما يتضرعون باتفاق الفعلين في الماضي أو في الاستقبال؟ فالجواب: أن ما استكانوا عند العذاب الذي أصابهم، وما يتضرعون حتى يفتح عليهم باب عذاب شديد فنفى الاستكانة فيما مضى، ونفى التضرع، في الحال والاستقبال.