خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَإِنَّهُ لَتَنزِيلُ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ
١٩٢
نَزَلَ بِهِ ٱلرُّوحُ ٱلأَمِينُ
١٩٣
عَلَىٰ قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ ٱلْمُنْذِرِينَ
١٩٤
بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُّبِينٍ
١٩٥
وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ ٱلأَوَّلِينَ
١٩٦
أَوَ لَمْ يَكُن لَّهُمْ آيَةً أَن يَعْلَمَهُ عُلَمَاءُ بَنِيۤ إِسْرَائِيلَ
١٩٧
وَلَوْ نَزَّلْنَاهُ عَلَىٰ بَعْضِ ٱلأَعْجَمِينَ
١٩٨
فَقَرَأَهُ عَلَيْهِم مَّا كَانُوا بِهِ مُؤْمِنِينَ
١٩٩
كَذَلِكَ سَلَكْنَاهُ فِي قُلُوبِ ٱلْمُجْرِمِينَ
٢٠٠
لاَ يُؤْمِنُونَ بِهِ حَتَّىٰ يَرَوُاْ ٱلْعَذَابَ ٱلأَلِيمَ
٢٠١
فَيَأْتِيَهُم بَغْتَةً وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ
٢٠٢
فَيَقُولُواْ هَلْ نَحْنُ مُنظَرُونَ
٢٠٣
أَفَبِعَذَابِنَا يَسْتَعْجِلُونَ
٢٠٤
أَفَرَأَيْتَ إِن مَّتَّعْنَاهُمْ سِنِينَ
٢٠٥
ثُمَّ جَآءَهُم مَّا كَانُواْ يُوعَدُونَ
٢٠٦
مَآ أَغْنَىٰ عَنْهُمْ مَّا كَانُواْ يُمَتَّعُونَ
٢٠٧
وَمَآ أَهْلَكْنَا مِن قَرْيَةٍ إِلاَّ لَهَا مُنذِرُونَ
٢٠٨
ذِكْرَىٰ وَمَا كُنَّا ظَالِمِينَ
٢٠٩
وَمَا تَنَزَّلَتْ بِهِ ٱلشَّيَاطِينُ
٢١٠
وَمَا يَنبَغِي لَهُمْ وَمَا يَسْتَطِيعُونَ
٢١١
إِنَّهُمْ عَنِ ٱلسَّمْعِ لَمَعْزُولُونَ
٢١٢
-الشعراء

التسهيل لعلوم التنزيل

{ وَإِنَّهُ لَتَنزِيلُ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ } الضمير للقرآن { ٱلرُّوحُ ٱلأَمِينُ } يعني جبريل عليه السلام { عَلَىٰ قَلْبِكَ } إشارة إلى حفظه إياه لأن القلب هو الذي يحفظ { بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ } يعني كلام العرب هو متعلق بنزل أو المنذرين { وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ ٱلأَوَّلِينَ } المعنى أن القرآن مذكور في كتب المتقدّمين ففي ذلك دليل على صحته ثم أقام الحجة على قريش بقوله { أَوَ لَمْ يَكُن لَّهُمْ آيَةً أَن يَعْلَمَهُ عُلَمَاءُ بَنِيۤ إِسْرَائِيلَ } بأنه من عند الله آية لكم وبرهان، والمراد من أسلم من بني إسرائيل: كعبد الله بن سلام وقيل: الذين كانوا يبشرون بمبعثه عليه الصلاة والسلام { وَلَوْ نَزَّلْنَاهُ عَلَىٰ بَعْضِ ٱلأَعْجَمِينَ } الآية جمع أعجم، وهو الذي لا يتكلم سواء كان إنساناً أو بهيمة أو جماداً والأعجمي: المنسوب إلى [العجم أي غير العرب] وقيل: بمعنى الأعجم، ومعنى الآية: أن القرآن لو نزل على من لا يتكلم، ثم قرأه عليهم لا يؤمنوا لإفراط عنادهم، ففي ذلك تسلية للنبيّ صلى الله عليه وسلم على كفرهم به مع وضوح برهانه { كَذَلِكَ سَلَكْنَاهُ فِي قُلُوبِ ٱلْمُجْرِمِينَ } معنى { سَلَكْنَاهُ }. أدخلناه، والضمير للتكذيب الذي دل عليه ما تقدم من الكلام، أو القرآن أي سلكناه في قلوبهم مكذباً به، وتقدير قوله: { كَذَلِكَ } مثل هذا السلك سلكناه، و{ ٱلْمُجْرِمِينَ }: يحتمل أن يريد به قريشاً أو الكفار المتقدمين و{ لاَ يُؤْمِنُونَ }: تفسير للسلك الذي سلكه في قلوبهم { فَيَقُولُواْ هَلْ نَحْنُ مُنظَرُونَ } تمنوا أن يؤخروا حين لم ينفعهم التمني { أَفَبِعَذَابِنَا يَسْتَعْجِلُونَ } توبيخ لقريش على استعجالهم بالعذاب في قولهم: { وَأَلْقِ عَصَاكَ } [النمل: 10] { فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِّنَ ٱلسَّمَآءِ } [الأنفال: 32] وشبه ذلك { أَفَرَأَيْتَ إِن مَّتَّعْنَاهُمْ سِنِينَ } المعنى أن مدّة إمهالهم لا تغني مع نزول العذاب بعدها، وإن طالت مدة سنين، لأن كل ما هو آت قريب، قال بعضهم { سِنِينَ } يريد به عمر الدنيا { وَمَآ أَهْلَكْنَا مِن قَرْيَةٍ إِلاَّ لَهَا مُنذِرُونَ } المعنى أن الله لم يهلك قوماً إلا بعد أن أقام الحجة عليهم بأن أرسل إليهم رسولاً فأنذرهم فكذبوه { ذِكْرَىٰ } منصوب على المصدر من معنى الإنذار، أو على الحال من الضمير من منذرون، أو على المفعول من أجله، أو مرفوع على أنه خبر ابتداء مضمر { وَمَا تَنَزَّلَتْ بِهِ ٱلشَّيَاطِينُ } الضمير للقرآن، وهو ردّ على من قال أنه كهانة نزلت به الشياطين على محمد { وَمَا يَنبَغِي لَهُمْ وَمَا يَسْتَطِيعُونَ } أي ما يمكنهم ذلك ولا يقدرون عليه، ولفظ: { مَا يَنبَغِي } تارة يستعمل بمعنى لا يمكن وتارة بمعنى لا يليق { إِنَّهُمْ عَنِ ٱلسَّمْعِ لَمَعْزُولُونَ } تعليل لكون الشياطين لا يستطيعون الكهانة، لأنهم منعوا من استراق السمع منذ بعث محمد صلى الله عليه وسلم، وقد كان أمر الكهان كثيراً منتشراً قبل ذلك.