{ وَقَاسَمَهُمَآ } أي حلف لهما: إنه لمن الناصحين وذكر قسم إبليس بصيغة المفاعلة التي تكون بين الاثنين لأنه اجتهد فيه، أو لأنه أقسم لهما: وأقسما له أن يقبلا نصيحته { فَدَلَّٰهُمَا } أي أنزلهما إلى الأكل من الشجرة { بِغُرُورٍ } أي غرّهما بحلفه لهما لأنهما ظنا أنه لا يحلف كاذباً { بَدَتْ لَهُمَا سَوْءَٰتُهُمَا } أي زال عنهما اللباس، وظهرت عوراتهما، وكان لا يريانها من أنفسهما، ولا أحدهما من الآخر، وقيل: كان لباسهما نور يحول بينهما وبين النظر { يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ ٱلْجَنَّةِ } أي يصلان بعضه ببعض ليستترا به { وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَآ } يحتمل أن يكون هذا النداء بواسطة ملك، أو بغير واسطة { رَبَّنَا ظَلَمْنَآ أَنفُسَنَا } اعتراف وطلب للمغفرة والرحمة، وتلك هي الكلمات التي تاب الله عليه بها { ٱهْبِطُواْ } وما بعده مذكور في البقرة { فِيهَا تَحْيَوْنَ } أي في الأرض { لِبَاساً } أي الثياب التي تستر، ومعنى أنزلنا خلقنا، وقيل: المراد أنزلنا ما يكون عنه اللباس وهو المطر، واستدل بعض الفقهاء بهذه الآية على وجوب ستر العورة { وَرِيشاً } أي لباس الزينة وهو مستعار من ريش الطائر { وَلِبَاسُ ٱلتَّقْوَىٰ } لباساً كقولهم: ألبسك الله قميص تقواه، وقيل: لباس التقوى ما يتقي به في الحرب من الدروع وشبهها، وقرئ بالرفع على الابتداء أو خبره الجملة، وهي: ذلك خير { ذٰلِكَ مِنْ آيَاتِ ٱللَّهِ } الإشارة إلى ما أنزل من اللباس، وهذه الآية واردة على وجه الاستطراد عقيب ما ذكر من ظهور السوآت وخصف الورق عليها ليبين إنعامه على ما خلق من اللباس و { يَنزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا } أي كان سبباً في نزع لباسهما عنهما { مِنْ حَيْثُ لاَ تَرَوْنَهُمْ } يعني في غالب الأمر، وقد استدل به من قال: إن الجن لا يُرَوْن وقد جاءت في رؤيتهم أحاديث صحيحة، فتحمل الآية على الأكثر؛ جمعا بينها وبين الأحاديث.