{لاَ تَقُمْ فِيهِ أَبَداً} نهي عن إتيانه والصلاة فيه، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يمر بطريقه {لَّمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى ٱلتَّقْوَىٰ} قيل: هو مسجد قباء، وقيل: مسجد النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة، وقد رُوي ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم {فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَن يَتَطَهَّرُواْ} كانوا يستنجون بالماء ونزلت في الأنصار على قول من قال: إن المسجد الذي أسس على التقوى هو مسجد المدينة، ونزلت في بني عمرو بن عوف خاصة على قول من قال: إن المسجد الذي أسس على التقوى هو مسجد قباء {أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَٰنَهُ عَلَىٰ تَقْوَىٰ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَٰنٍ خَيْرٌ أَم مَّنْ أَسَّسَ بُنْيَٰنَهُ عَلَىٰ شَفَا جُرُفٍ هَارٍ} الآية: استفهام بمعنى التقرير، والذي أسس على التقوى والرضوان: مسجد المدينة أو مسجد قباء، والذي أسس على شفا جرف هار: هو مسجد الضرار، وتأسيس البناء على التقوى والرضوان: هو بحسن النية فيه، وقصد وجه الله، وإظهار شرعه، والتأسيس على شفا جرف هار: هو بفساد النية، وقصد الرياء، والتفريق بين المؤمنين، فلذلك على وجه الاستعارة والتشبيه البديع، ومعنى شفا جرف: طرفه، ومعنى هار: ساقط أو واهي، بحيث أشفى على السقوط، وأصل هار: هائر، فهو من المقلوب، لأن لامه جعلت في موضع العين {فَٱنْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ} أي طاح في جهنم، وهذا ترشيح للمجاز، فإنه لما شُبه بالجرف وُصف بالانهيار؛ الذي هو من شأن الخوف، وقيل: إن ذلك حقيقة، وأنه سقط في نار جهنم وخرج الدخان من موضعه، والصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بهدمه فهدم {لاَ يَزَالُ بُنْيَٰنُهُمُ ٱلَّذِي بَنَوْاْ رِيبَةً فِي قُلُوبِهِمْ} أي: لا يزال في قلوب أهل مسجد الضرار ريبة من بنيانه: أي شك في الإسلام بسبب بنيانه، لاعتقادهم صواب فعلهم: أو غيظ بسبب هدمه {إِلاَّ أَن تَقَطَّعَ قُلُوبُهُمْ} أي إلا أن يموتوا.