قولُهُ تَعَالَى: { قَالَ يٰقَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِن كُنتُ عَلَىٰ بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّي }؛ أي قال لَهم شعيبُ: أخبروني إنْ كنتُ على دلالةٍ واضحة من ربي، { وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقاً حَسَناً }؛ قِيْلَ: أرادَ النبوَّةَ فإنَّها أعظمُ رزْقِ الله تعالى. وَقِيْلَ: أراد به المالَ الحلالَ. قال ابنُ عبَّاس: (كَانَ شُعَيْبُ عليه السلام كَثِيرَ الْمَالِ كَثِيرَ الصَّلاَةِ)، وَقِيْلَ: معنى قولِه: { رِزْقاً حَسَناً } أي عِلْماً ومعرفةً. وأما جوابُ قولهِ { إِن كُنتُ عَلَىٰ بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّي وَرَزَقَنِي } المالَ الحلال اتبعهُ الضلالَ فأبْخَسُ وأُطَفِّفُ، أشُوبَ الحلالَ بالحرامِ كما تفعلون به.
قَوْلُهُ تَعَالَى: { وَمَآ أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَىٰ مَآ أَنْهَاكُمْ عَنْهُ }؛ أي ما أريدُ أن تترُكوا ما نَهيتُكم عنه لأعملَ أنا به فانتفعَ، والمعنى لستُ أنْهاكُم عن شيءٍ ثم أدخلُ فيه، { إِنْ أُرِيدُ إِلاَّ ٱلإِصْلاَحَ مَا ٱسْتَطَعْتُ }؛ أي ما أريدُ إلا الإصلاحَ في أمرِ الدين والمعاشِ بقدر استطاعَتي، { وَمَا تَوْفِيقِيۤ إِلاَّ بِٱللَّهِ عَلَيْهِ }؛ أي ما توفيقي للصَّلاحِ إلا مِنَ اللهِ، والتوفيقُ من اللهِ، هو كلُّ فِعْلٍ يَتَّفِقُ مَعَ الْعَبْدِ عِنْدَ اخْتِيَار الطَّاعةِ وَالصَّلاحِ، وَلَوْلاَهُ لَكَانَ يَخْتَارُ خِلاَفَ ذلِكَ. قَوْلُهُ تَعَالَى: { عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ }؛ أي فوَّضتُ أمرِي إلى اللهِ، وقولهُ تعالى: { وَإِلَيْهِ أُنِيبُ }؛ أي أرجِعُ.