خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَلَمَّا جَآءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا شُعَيْباً وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِّنَّا وَأَخَذَتِ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُواْ فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ
٩٤
كَأَن لَّمْ يَغْنَوْاْ فِيهَآ أَلاَ بُعْداً لِّمَدْيَنَ كَمَا بَعِدَتْ ثَمُودُ
٩٥
-هود

التفسير الكبير

قَوْلُهُ تَعَالَى: { وَلَمَّا جَآءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا شُعَيْباً وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِّنَّا }؛ أي نَجَّينا شُعيباً من ذلك العذاب، ونَجَّينَا الذين آمَنوا معه برحمةٍ منَّا، { وَأَخَذَتِ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ الصَّيْحَةُ }؛ يعني من قومِ شُعيب.
يقال: إنَّ جبريل صاحَ بهم صيحةً، فخرجت أرواحُهم من أجسادِهم، { فَأَصْبَحُواْ فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ }؛ أي ميِّتين سَاقِطِين صَرْعَى. وَقِيْلَ: بل وَاقِفِين على رُكَبهم، { كَأَن لَّمْ يَغْنَوْاْ فِيهَآ }؛ أي كأنْ لم يكونوا في الأرضِ قطٌّ.
قَوْلُهُ تَعَالَى: { أَلاَ بُعْداً لِّمَدْيَنَ كَمَا بَعِدَتْ ثَمُودُ }؛ معناهُ: ألاَّ سُحْقاً وهلاكاً لقومِ شُعيب كما هلَكت ثَمُودُ، وإنما شبَّهَهم بثَمُودَ؛ لأن الصيحةَ كانت سَبباً في هلاكِ الفريقين جميعاً.
قال ابنُ عبَّاس: (وَذلِكَ أنَّ مَدْيَنَ أصَابَهُمْ حَرٌّ شَدِيدٌ، وَلَمْ تَتَحَرَّكِ الرِّيحُ لَيْلاً وَلاَ نَهَاراً، فَكَانَ يُحْرِقُهُمْ باللَّيْلِ حَرُّ الْقَمَرِ، وَبالنَّهَار حَرُّ الشَّمْسِ، فَنَشَأَتْ لَهُمْ سَحَابَةٌ كَهَيْئَةِ الظُّلَّةِ فِيْهَا عَذابُهُمْ، فَأَتَوهَا يَسْتَظِلُّونَ تَحْتَهَا وَيَطْلُبُونَ الرَّوْحَ، فَسَالَ عَلَيْهِمُ الْعَذابُ مِنْ فَوْقِهِمْ، وَرَجَفَتِ الأَرْضُ مِنَ الْعَذاب وَأحْرَقَتْهُمُ السَّحَابَةُ، وَذلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى:
{ فَأَخَذَهُمْ عَذَابُ يَوْمِ ٱلظُّلَّةِ إِنَّهُ كَانَ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ } [الشعراء: 189]).
قال: (وَلَمْ يُعَذبْ أُمَّتَانِ بعَذابٍ وَاحِدٍ إلاَّ قَوْمَ شُعَيْبَ وَصَالِح، فَأَمَّا قَوْمُ صَالِحٍ فَأَخَذتْهُمُ الصَّيْحَةُ مِنْ تَحْتِهِمْ، وَأمَّا قَوْمُ شُعَيْبٍ فأَخَذتْهُمُ الصَّيْحَةَ مِنْ فَوْقِهِم).