خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُواْ بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِن صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِّلصَّابِرينَ
١٢٦
-النحل

التفسير الكبير

قَوْلُهُ تَعَالَى: { وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُواْ بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ }؛ وذلك "أنَّ حمزةَ ابنَ عبدِالمطَّلب وأصحابه الذين قُتلوا يومَ أُحُد مَثَّلَ بهم المشرِكون، عَمَدُوا إلى حمزة فشَقُّوا بطنَهُ، وأخذت منه هندُ بنت عتبة كَبدَهُ، فجعلت تلوكُها ثم تطرَحُها، وقطَعُوا مذاكيرَهُ وجدَعُوا أنفه وأذُنيه، ومثَّلوا به أشدَّ الْمُثْلَةِ، وكذلك سائرُ شهداء أحُد مَثَّلَ بهم المشركون، بقَرُوا بطونَهم، وقطعُوا مذاكيرَهم.
فلما نَظَرَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إلى عمِّه حمزةَّ لم ينظُرْ إلى شيءٍ قَطُّ أوجعَ إلى قلبهِ منه، فقال: رَحْمَةُ اللهِ علَيْكَ، فَإنَّكَ كُنْتَ فَعَّالاً لِلخَيْرِ، وَصَّالاً لِلرَّحِمِ، وَاللهِ لَئِنْ أظْفَرَنِي اللهُ بهِمْ لأَقْتُلَنَّ بكَ سَبْعِينَ مِنْهُمْ، وَلأُمَثِلَنَّ سَبْعِينَ مِنْهُمْ وَقَالَ الْمُسْلِمُونَ: وَاللهِ لَئِنْ أمْكَنَنَا اللهُ مِنْهُمْ، لَنُمَثِّلَنَّ بالأَحْيَاءِ فَضْلاً عَنِ الأَمْوَاتِ. فأنزلَ اللهُ تعالى هذه الآيةَ { وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِن صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِّلصَّابِرينَ }؛ فقالَ صلى الله عليه وسلم: أصْبرُ وَلاَ أُمَثِّلُ وكَفَّرَ عَنْ يَمِينِهِ"
، فَنَزَلَ قَوْلُهُ تَعَالَى: { وَٱصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلاَّ بِٱللَّهِ }؛ أي ما صبرُكَ إلاّ بمعونةِ الله وتوفيقه، ولا تقدرُ على الصَّبرِ في الحزن الذي لَحِقَكَ بسبب الشُّهداء، إلا أنْ يُسَهِّلَ اللهُ عليكَ.