خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلاۤئِكَةِ ٱسْجُدُواْ لأَدَمَ فَسَجَدُواْ إَلاَّ إِبْلِيسَ قَالَ أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِيناً
٦١
قَالَ أَرَأَيْتَكَ هَـٰذَا ٱلَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إِلَىٰ يَوْمِ ٱلْقِيَامَةِ لأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلاَّ قَلِيلاً
٦٢
-الإسراء

التفسير الكبير

قَوْلُهُ تَعَالَى: { وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلاۤئِكَةِ ٱسْجُدُواْ لأَدَمََ فَسَجَدُواْ إَلاَّ إِبْلِيسَ }؛ قد تقدَّمَ تفسيرُ ذلك. وقولهُ تعالى: { قَالَ أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِيناً }؛ أي قالَ إبليسُ: أأسجدُ لآدم وهو مخلوقٌ من طينٍ؟ وهذا استفهامٌ بمعنى الإنكار، ونُصِبَ (طِيناً) على الحالِ.
قال اللهُ تعالى حَاكياً عن إبليس: { قَالَ أَرَأَيْتَكَ هَـٰذَا ٱلَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ } أي قالَ إبليس: أخبرنِي عن هذا الذي كرَّمتهُ عليَّ، لِمَ كرَّمتَهُ علَيَّ، وقد خلَقتَني من نارٍ وخلقتهُ من طينٍ؟! اعتقدَ إبليس أنَّ النارَ أكرَمُ أصلاً من الطينِ.
قَوْلُهُ تَعَالَى: { لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إِلَىٰ يَوْمِ ٱلْقِيَامَةِ لأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلاَّ قَلِيلاً }؛ أي لأَستَأْصِلَنَّ ذُرِّيتَهُ بإغوائِهم، إلاَّ قليلاً منهم وهمُ الذين عصَمتَهم مني، تقولُ العربُ: احْتَنَكَتِ السَّنَةُ أمْوالَنَا؛ أي استأْصَلَتْهَا، قال الشاعرُ:

أشْكُو إلَيْكَ سَنَةً قَدْ أجْحَفَتْ وَاحْتَنَكَتْ أمْوَالَنَا وَاجْتَلَفَتْ

وَاحْتَنَكَتْ حَلَقَتْ، وَاحْتَنَكَتِ الْجَرَادُ مَا عَلَى الأَرْضِ. وَقِيْلَ: معنى { لأَحْتَنِكَنَّ } أي لأقتَطِعَنَّ ذُرِّيتَهُ إلى المعاصي، يقالُ: احْتَنَكَ فلانٌ ما عندَ فلانٍ من مالٍ، إذا اقتطعَهُ. وَقِيْلَ: معناهُ: لأَقُودَنَّ ذُريَّتَهُ إلى المعاصِي وإلى النار، مِن قولهم: حَنَكَ دَابَّتَهُ يَحْنِكُهَا من الأَسْفَلِ بحَبْلٍ يَقُودُهَا بهِ.