قَوْلُهُ تَعَالَى: {قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُم بِٱلأَخْسَرِينَ أَعْمَالاً}؛ أي قل لَهم يا مُحَمَّدُ: هل نُخبرُكم بالآخْسَرِيْنَ أعْمَالاً في الآخرةِ يعني كفار أهل الكتاب واليهودَ والنصارى؟ وقال عليٌّ رضي الله عنه: (هُمُ الرُّهْبَانُ وَالْقِسِّيْسُونَ حَبَسُواْ أنْفُسَهُمْ فِي الصَّوَامِعِ) وَقِيْلَ: هم جميعُ اليهودِ والنَّصارى، {ٱلَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا}؛ أي بَطَلَ عملُهم واجتهادُهم في الدِّين، {وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً}؛ أي وهم يظنُّونَ أنَّهم يعملون صالِحاً.
ثُم بَيَّنَ مَن هم فقال: {أُوْلَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ}؛ أي جَحَدُوا دلائلَ توحيدهِ، وأنكَرُوا البعثَ بعد الموتِ، {فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ}؛ أي بَطَلَتْ حسناتُهم التي عَمِلُوها مثل صِلَةِ الرَّحمِ، والإحسانِ إلى الناس، فلا يَرَوْنَ سعيَهم مع الكفرِ شيئاً، {فَلاَ نُقِيمُ لَهُمْ}؛ ولا يكون لَهم عند اللهِ، {يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ وَزْناً}؛ قَدْراً ولا مَنْزِلَةً.