خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لاَ يَعْلَمُونَ ٱلْكِتَابَ إِلاَّ أَمَانِيَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَظُنُّونَ
٧٨
-البقرة

التفسير الكبير

وقَوْلُهُ تَعَالَى: { وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ }؛ أي ومن اليهودِ من لا يُحسن القراءةَ ولا الكتابة إلا أن يحدثهم كبارُهم بشيء فيظنُّونه حقّاً؛ فيصدقونَهم وهو كذبٌ. قَوْلُهُ تَعَالَى: { لاَ يَعْلَمُونَ ٱلْكِتَابَ إِلاَّ أَمَانِيَّ }. اختلفوا في معنى الأماني، قال الكلبيُّ: مَعْنَاهُ لاَ يَعْلَمُونَ إلاَّ مَا يحدِّثُهم بهِ عُلَمَاؤُهُمْ. وقال أبو رَوْقٍ: (الْقِرَاءَةُ مِنْ ظَهْرِ الْقَلْب وَلاَ يَقْرَءُونَ فِي الْكُتُب) وَدَلِيْلُ هَذَا قَوْلُهُ تَعَالَى: { { إِلاَّ إِذَا تَمَنَّىٰ أَلْقَى ٱلشَّيْطَانُ فِيۤ أُمْنِيَّتِهِ } [الحج: 52] أيْ إلاَّ إذَا قَرَأ ألْقَى الشَّيْطَانُ فِي قِرَاءَتِهِ. قال الشاعرُ:

تَمَنَّى كِتَابَ اللهِ أوَّلَ لَيْلَةٍ وَآخِرَهُ لاَقَى حَمَامَ الْمَقَادِر

وقال مجاهد: (الأَمَانِيُّ الْكَذِبُ وَالأَبَاطِيْلُ؛ كقولِ عثمانَ رضي الله عنه: (مَا تَمَنَّيْتُ مُنْذُ أسْلَمْتُ) أيْ مَا كَذَبْتُ). وأراد بالأمانِيِّ الأشياءَ التي كتبَها علماؤُهم من عند أنفسِهم ثم أضافُوها إلى اللهِ تعالى من تغييرِ صفةِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم. وقال الحسنُ: (مَعْنَى: يَتَمَنَّوْنَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ وَالْْبَاطِلَ مِثْلَ قََوْلِهِ: { { لَن تَمَسَّنَا ٱلنَّارُ إِلاَّ أَيَّاماً مَّعْدُودَةً } [البقرة: 80] وَقَوْلِهِ: { { لَن يَدْخُلَ ٱلْجَنَّةَ إِلاَّ مَن كَانَ هُوداً أَوْ نَصَارَىٰ } [البقرة: 111] وَقَوْلِهِمْ: { { نَحْنُ أَبْنَاءُ ٱللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ } [المائدة: 18]).
قَوْلُهُ تَعَالَى: { وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَظُنُّونَ }؛ أي مَا هُمْ إلاَّ يَظُنُّونَ ظَنّاً وَتَوَهُّماً لاَ حَقِيْقَةً وَيَقِيْناً، قاله قتادةُ والربيع. وقال مجاهدُ: مَعْنَاهُ: (وَإنْ هُمْ إلاَّ يَكْذِبُونَ).