قَوْلُهُ تَعَالَى: { قَالَ لاَ تَخَافَآ إِنَّنِي مَعَكُمَآ }؛ أي معَكُما بالبصيرةِ والعون، { أَسْمَعُ }؛ ما يَرُدُّ عليكُما، { وَأَرَىٰ }؛ ما يصنعهُ بكما، وَقِيْلَ: معناهُ: أسْمَعُ دعاءَكما فأجيبهُ، وأرى ما يريدُ بكما فأمنعهُ، ولستُ بغافلٍ عنكُما، فلا تَهتمَّا، { فَأْتِيَاهُ فَقُولاۤ إِنَّا رَسُولاَ رَبِّكَ }؛ أرسلنا إليكَ، { فَأَرْسِلْ مَعَنَا بَنِيۤ إِسْرَائِيلَ وَلاَ تُعَذِّبْهُمْ }؛ أي أطلِقْهُم من اعتقالِكَ، ولا تُتْعِبْهُمْ بالأعمالِ الشَّاقة، { قَدْ جِئْنَاكَ بِآيَةٍ مِّن رَّبِّكَ }؛ أي بعلامةٍ من ربك وهي اليدُ والعصا، وهما أوَّلُ آية، وَقِيْلَ: اليدُ خاصَّة.
وكان فرعونُ قد أتعبَ بنِي إسرائيلَ بالأعمالِ الشَّاقة، مثلَ اللَّبن والطينِ والبناء، وما لا يقدرونَ عليه. فلمَّا قال موسى: قَدْ جِئْنَاكَ بآيَةٍ مِنْ رَبكَ، قال: ما هيَ؟ فأدخلَ يدَهُ في جيب قميصه ثُم أخرجَها، فإذا هي بيضاءُ لَها شعاعٌ غَلَبَ نورَ الشمسِ، ولَم يُرِهِ العصا إلاّ بعدَ ذلك يوم الزِّينة.
قَوْلُهُ تَعَالَى: { وَٱلسَّلاَمُ عَلَىٰ مَنِ ٱتَّبَعَ ٱلْهُدَىٰ }؛ ليس هو بتحيَّةٍ لفرعون ولكن معناهُ: أن مَن اتَّبَعَ الْهُدى سَلِمَ من عذاب الله بدليلِ أنه عَقَّبَهُ بقولهِ تعالى: { إِنَّا قَدْ أُوحِيَ إِلَيْنَآ أَنَّ ٱلْعَذَابَ عَلَىٰ مَن كَذَّبَ وَتَوَلَّىٰ }؛ أي إنَّما يُعَذِّبُ اللهُ مَن كذبَ بما جئنا به وأعرضَ عنه، فأمَّا مَن اتَّبَعَهُ فإنه يَسْلَمُ.