خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

ٱلْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَٱلْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ وَٱلطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَٱلطَّيِّبُونَ لِلْطَّيِّبَاتِ أُوْلَـٰئِكَ مُبَرَّءُونَ مِمَّا يَقُولُونَ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ
٢٦
-النور

التفسير الكبير

قَوْلُهُ تَعَالَى: { ٱلْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَٱلْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ وَٱلطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَٱلطَّيِّبُونَ لِلْطَّيِّبَاتِ }؛ معناه: الكلماتُ الخبيثات للخبيثينَ من الرِّجال؛ أي لا يتكلمُ بالكلماتِ الخبيثات إلاّ الخبيثُ من الرجالِ والنساء. وَقِيْلَ: معناهُ: إن الخبيثَ مِن القولِ لا يليقُ إلاّ بالخبيثِ من الناس، وكلُّ كلامٍ إنَّما يحسنُ في أهلهِ، فيضافُ سَيِّءُ القولِ إلى مَن يليقُ به ذلك، وكذلك الطيَّبُ من القولِ، وعائشةُ لا يليقُ بها الخبيثاتُ؛ لأنَّها طَيِّبَةٌ فيضافُ إليها طيِّباتُ الكلامِ من الثَّناءِ الحسنِ وما يليقُ بها.
وقال بعضُهم: معنى الآيةِ: الخبيثاتُ من النساءِ للخبيثينَ من الرِّجالِ، والخبيثونَ من الرجالِ للخبيثاتِ من النساء للمشاكَلَةِ التي بينَهما، والطيِّباتُ من النساءِ للطيِّبينَ من الرجالِ، والطيِّبُونَ من الرجالِ للطيِّبات من النساءِ. وفي هذا تَبْرِئَةُ عائشةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا؛ لأنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم كان مِن أطيب الطيِّبين، فلا يكونُ له إلاَّ امرأةٌ طيِّبةٌ.
قَوْلُهُ تَعَالَى: { أُوْلَـٰئِكَ مُبَرَّءُونَ مِمَّا يَقُولُونَ }؛ يعني أن الطيِّبين والطيبات مُبْرَّؤُنَ مما يقولُ الخبيثونَ، والْمُبَرَّأُ هو الْمَنْفِيُّ عن صفةِ الْخُبْثِ، والمرادُ به عائشةُ وصفوان، فذكَرَهما بلفظِ الجماعة كما في قول تعالى
{ { فَإِن كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ } [النساء: 11] والمراد أخَوَانِ. وقولهُ تعالى { مُبَرَّءُونَ } أي مُنَزَّهُونَ. وقولهُ تعالى: { لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ }؛ أي لَهم مغفرةٌ لذنوبهم وثوابٌ حَسَنٌ بإلْحَاقِهِمْ في الجنَّة من الأذِيَّةِ.
وعن عائشةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قالت: (لَقَدْ أُعْطِيْتُ تِسْعاً لَمْ يُعْطَهُنَّ امْرَأةٌ: نَزَلَ جِبْرِيْلُ بصُورَتِي فِي رَاحَتِهِ حِيْنَ أمَرَ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم أنْ يَتَزَوَّجَنِي، وَلَقَدْ تَزَوَّجَنِي بكْراً وَمَا تَزَوَّجَ بكْراً غَيْرِي، وَلَقَدْ قُبضَ وَرَأسُهُ فِي حِجْرِي، وَلَقَدْ قُبرَ فِي بَيْتِي، وَلَقَدْ حَفَّتِ الْمَلاَئِكَةُ بَيْتِي، وَلَقَدْ كَانَ الْوَحْيُ إذا نَزَلَ عَلَيْهِ تَفَرَّقْنَ عَنْهُ، وَكَانَ يَنْزِلُ عَلَيْهِ وَأنَا مَعَهُ فِي لِحَافِهِ، وَإنِّي لابْنَةُ خَلِيْفَتِهِ وَصَدِيقهِ، وَلَقَدْ نَزَلَ عُذْرِي مِنَ السَّمَاءِ، وَلَقَدْ خُلِقْتُ طَيِّبَةً لِعَبْدٍ طَيِّبٍ، وَلَقَدْ وُعِدْتُ مَغْفِرَةً وَرِزْقاً كَرِيْماً).