قَوْلُهُ تَعَالَى: { وَأُزْلِفَتِ ٱلْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ }؛ أي قَرُبَتْ وأدنيتُ لَهم حتى نَظَرُوا إليها، { وَبُرِّزَتِ ٱلْجَحِيمُ لِلْغَاوِينَ }؛ أي أُظْهِرَتْ وكُشِفَتْ للضَّالين عن الْهُدَى، { وَقِيلَ لَهُمْ }؛ للضَّالِّين في ذلكَ اليومِ على وجه التَّوبيخِ: { أَيْنَ مَا كُنتُمْ تَعْبُدُونَ * مِن دُونِ ٱللَّهِ }؛ أي أينَ آلِهتُكم التي تعبدونَها مِن دون اللهِ؟ هل يدفعونَ العذابَ عنكم، { هَلْ يَنصُرُونَكُمْ أَوْ }؛ هل { يَنتَصِرُونَ }؛ لأنفُسِهم؛ أي يدفعونَ عن أنفسِهم.
ثُم يُؤْمَرُ بهم فيُلْقَوْنَ في النارِ، فلذلك قَوْلُهُ تَعَالَى: { فَكُبْكِبُواْ فِيهَا هُمْ وَٱلْغَاوُونَ }؛ وقال الزجَّاجُ: (طُرِحَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ)، وقال ابنُ قتيبةَ: (أُلْقُواْ عَلَى رُؤُوسِهِمْ)، وقال مقاتلُ: (قُذِفُواْ فِيْهَا هُمْ وَالْغَاوُونَ)، قال السديُّ: (يَعْنِي الآلِهَةَ وَالْمُشْرِكِيْنَ)، وقال عطاءُ: (هُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ وَجُنُودُ إبْلِيْسَ أجْمَعُونَ، يَعْنِي ذُرِّيَّةَ إبْلِيْسَ كُلَّهُمْ).
وَقِيْلَ: معنى (كُبْكِبُوا): أُجْمِعُواْ وهم كُفَّارُ مكَّة، وكفارُ الجنِّ والإنسِ وآلِهتُهم وذريَّةُ إبليسَ حتى صَارُوا كُبَّةً واحدةً وطُرِحُوا في النارِ.