خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

أَمَّن جَعَلَ ٱلأَرْضَ قَرَاراً وَجَعَلَ خِلاَلَهَآ أَنْهَاراً وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ وَجَعَلَ بَيْنَ ٱلْبَحْرَيْنِ حَاجِزاً أَإِلَـٰهٌ مَّعَ ٱلله بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ
٦١
أَمَّن يُجِيبُ ٱلْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ ٱلسُّوۤءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَآءَ ٱلأَرْضِ أَإِلَـٰهٌ مَّعَ ٱللَّهِ قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ
٦٢
-النمل

التفسير الكبير

قَوْلُهُ تَعَالَى: { أَمَّن جَعَلَ ٱلأَرْضَ قَرَاراً }؛ أي مستقرَّةً لا تَميلُ بأهلِها، بل جعلَها مَسْكَناً يَسِيرُونَ فيها ويصرفون عليها، فلا هي تضطربُ بهم، ولا هي حَزْنَةٌ غليظةٌ مثلَ رُؤوسِ الجبالِ.
وقولهُ تعالى: { وَجَعَلَ خِلاَلَهَآ أَنْهَاراً }؛ أي جَعَلَ وسَطَ الأرضِ أوديةً وعُيوناً من عَذْبٍ وَمَالِحٍ، { وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ }؛ أي جَعَلَ على الأرضِ جِبَالاً ثوابتَ وأوديةً أوتاداً لها، { وَجَعَلَ بَيْنَ ٱلْبَحْرَيْنِ حَاجِزاً }؛ أي بين الْمِلْحِ والعَذْب مانِعاً بلُطفهِ وقدرتهِ فلا يختلطُ أحدُهما بالآخرِ، ولا يبغِي أحدُهما على صاحبهِ، وقولهُ تعالى: { أَإِلَـٰهٌ مَّعَ ٱلله }؛ أي مع اللهِ إلهٌ فَعَلَ شيئاً من هذهِ الأشياء، { بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَْْ }؛ توحيدَ ربهم وسلطانه وقدرتهِ.
وقولهُ تعالى: { أَمَّن يُجِيبُ ٱلْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ }؛ الْمُضْطَرُّ: الْمَكْرُوبُ الْمَجْهُودُ المدفوعُ إلى ضيقٍ من الأمُور من غَرَقٍ أو مرضٍ أو بلاء أو حبسٍ أو كَرْبٍ إذا دعاهُ، { وَيَكْشِفُ ٱلسُّوۤءَ }؛ فيكشِفُ ضُرَّهُ ويفرجُ عنه فيبعدهُ مِن الغَرَقِ وينجيهِ ويَشفيهِ من المرضِ. ويعافيهِ من البلاء. وقال السديُّ: (الْمُضْطَرُّ الَّذِي لاَ حَوْلَ لَهُ وَلاَ قُوَّةَ)، وقال ذُو النُّونِ: (هُوَ الَّّّذِي قَطَعَ الْعَلاَئِقَ عَمَّا دُونَ اللهِ).
قَوْلُهُ تَعَالَى: { وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَآءَ ٱلأَرْضِ }؛ أي يأتِي بقومٍ بعد قومٍ، ويخلقُ قَرْناً بعد قَرْنِ، وكلَّما أهْلَكَ قَرْناً أنشأَ آخَرِينَ، فيكون كلٌّ خلفاءٌ لِمَنْ قبلَهم. وقولهُ تعالى: { أَإِلَـٰهٌ مَّعَ ٱللَّهِ }؛ أي إلَهٌ سِوَى اللهِ فَعَلَ ذلكَ، { قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ }؛ أي قَلِيلاً ما تتَّعِظُونَ.