خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَآءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ ٱلْخِيَرَةُ سُبْحَانَ ٱللَّهِ وَتَعَالَىٰ عَمَّا يُشْرِكُونَ
٦٨
-القصص

التفسير الكبير

قَوْلُهُ تَعَالَى: { وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَآءُ وَيَخْتَارُ }؛ وذلكَ أنَّ الوليدَ بن المغيرةِ كان يقولُ: لَولاَ نُزِّلَ هَذا الْقُرآنُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيْمٌ، يعني نفسَهُ وأبا مسعودٍ الثقفيُّ، فأنزلَ اللهُ هذه الآيةَ { وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَآءُ وَيَخْتَارُ } مَن يُنَبَّؤُ للرسالةِ والنُّبوةِ؛ أي فكما أن الخلقَ إليه يخلقُ ما يشاء، فكذلك الاختيارُ إليهِ في جميع الأمور، فيختارُ مِمَّنْ خَلَقَ ما يشاءُ.
قَوْلُهُ تَعَالَى: { مَا كَانَ لَهُمُ ٱلْخِيَرَةُ }؛ ابتداءُ الكلامِ نفيُ الاختيار عن المشركين، وذلك أنَّهم اختَارُوا الوليدَ بن المغيرةِ من مكَّة وأبُو عُرْوَةَ بن مسعودٍ من الطَّائف، فقالَ اللهُ { مَا كَانَ لَهُمُ ٱلْخِيَرَةُ } أي ليسَ لَهم الاختيارُ على اللهِ، ثُم نَزَّهَ اللهُ نَفْسَهُ فقالَ: { سُبْحَانَ ٱللَّهِ وَتَعَالَىٰ عَمَّا يُشْرِكُونَ }؛ ومن قرأ (وَنَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةَُ) من غيرِ أنْ يَقِفَ على (وَنَخْتَارُ)، جعلَ (مَا) بمعنى الَّذي، كأنَّه قال:
ونَخْتَارُ الذي لَهم الْخِيَرَةُ فيصنعُ بهم ما صَلُحَ لَهم، وأنشدَ محمودُ الورَّاقُ:

تَوَكَّلْ عَلَى الرَّحْمَنِ فِي كُلِّ حَاجَةٍ أرَدْتَ فَإنَّ اللهَ يَقْضِي وَيُقَدِّرُ
مَتَى مَا يُرِيدُ ذُو الْعَرْشِ أمْراً بعَبْدِهِ يُصِبْهُ وَمَا لِلْعَبْدِ مَا يَتَخَيَّرُ
فَقَدْ يَهْلَكُ الإنْسَانُ مِنْ حَيْثُ أمْنُهُ وَيَنْجُو بحَمْدِ اللهِ من حَيْثُ يَحْذرُ