خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

لَقَدْ مَنَّ ٱللَّهُ عَلَى ٱلْمُؤمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُواْ عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ ٱلْكِتَابَ وَٱلْحِكْمَةَ وَإِن كَانُواْ مِن قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُّبِينٍ
١٦٤
أَوَلَمَّآ أَصَـٰبَتْكُمْ مُّصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِّثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّىٰ هَـٰذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ
١٦٥
-آل عمران

التفسير الكبير

قَوْلُهُ تَعَالَى: { لَقَدْ مَنَّ ٱللَّهُ عَلَى ٱلْمُؤمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْ أَنْفُسِهِمْ }؛ أي لقد أنْعَمَ على المؤمنينَ إذ بَعَثَ فيهِم رَسُولاً مِنْهُمْ، وهو النبيُّ صلى الله عليه وسلم؛ بعثَهُ الله من العرب، معروفَ النَّسب، عرفُوهُ بالصِّدقِ والأمانَةِ، وكان يُسَمَّى (الأمِيْنُ) قبلَ الوحي، وقيلَ: بعثهُ الله من جِنْسِ بَنِي آدمَ، ولَمْ يبعثْهُ من الملائكةِ؛ لأنه إذا كان من جِنْسِهِمْ كانَ تَعَلُّمُهُمْ منهُ أسهلَ عليهم. وقرأ في الشَّواذ: (مِنْ أنْفَسِهِمْ) بنصب الفاءِ؛ أي أشْرَفِهِمْ؛ لأن العربَ أفضلُ من غيرهم، وقريش أفضلُ العرب.
قَوْلُهُ تَعَالَى: { يَتْلُواْ عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ }؛ أي يقرأ عليهم القرآنَ بما فيه من أقَاصِيْصِ الأُمم السَّالفة، وهو أُمِّيٌّ لَمْ يقرأ الكُتُبَ. قَوْلُهُ تَعَالَى: { وَيُزَكِّيهِمْ }؛ أي يُطَهِّرُهُمْ من الشِّركِ والذُّنوب، ويأخذُ منهم الزَّكاةَ التي يُطَهِّرُهُمْ بهَا. قَوْلُهُ تَعَالَى: { وَيُعَلِّمُهُمُ ٱلْكِتَابَ وَٱلْحِكْمَةَ }؛ أي القرآنَ والفِقْهَ، { وَإِن كَانُواْ مِن قَبْلُ }؛ أنْ يَأتِيَهُمْ مُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم { لَفِي ضَلالٍ مُّبِينٍ }؛ مِن الْهُدَى.
والخطابُ يُبَيِّنُ قولَه تعالى: { أَوَ لَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُّصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِّثْلَيْهَا }؛ أي لَمَّا أصابتكُم مصيبةُ يومِ أحُدٍ قد أصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا يومَ بدرٍ؛ أي قَتلتُم يومَ بدرٍ سبعينَ، وأسرتُم سبعينَ، وقُتِلَ منكم يومَ أُحدٍ سبعونَ، ولم يُؤْسَرْ منكم أحدٌ.
قَوْلُهُ تَعَالَى: { قُلْتُمْ أَنَّىٰ هَـٰذَا }؛ القتلَ والْهَزِيْمَةَ ونحنُ مسلمونَ ورسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِيْنَا والوحيُ يَنْزِلُ علينا، وهُم مشركونَ، { قُلْ }؛ يَا مُحَمَّدُ: { هُوَ مِنْ عِندِ أَنْفُسِكُمْ }؛ لِمُخَالَفَتِكُمْ أمرَ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم بالخروجِ عَنِ المدينةِ، وقد كانَ أمَرَكم بالْمُقَامِ فيها ليدخلَ عيلكم الكفَّار فتقلُوهم في أزقَّتِهَا. وقيلَ: إنَّما أصابَكم هذا مِن عند قومِكم بمعصيَةِ الرُّماةِ بتركهم ما أمَرَهُم به النبيُّ صلى الله عليه وسلم، { إِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ }؛ أي عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مِن النَّصرِ وغيرِ ذلك قَادِرٌ.