خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ إِذَا نَكَحْتُمُ ٱلْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحاً جَمِيلاً
٤٩
-الأحزاب

التفسير الكبير

قَوْلُهُ تَعَالَى: { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ إِذَا نَكَحْتُمُ ٱلْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ }؛ أي إذا تَزوَّجتُمُوهُنَّ من قَبْلِ أن تُجامِعُوهن، { فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا }، تَسْتَوْفُونَهَا بالعَدَدِ لا بالحيضِ ولا بالشُّهور. والاعْتِدَادُ هو استيفاءُ العَدَدِ، أسقطَ اللهُ العِدَّةَ من الْمُطَلَّقَةِ قَبْلَ الدُّخولِ لبَرَاءَةِ رحِمِها، فلو شاءَتْ تزوَّجت مِن يومِها.
قَوْلُهُ تَعَالَى: { فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحاً جَمِيلاً }؛ أي أعْطُوهُنَّ مُتْعَةَ الطلاقِ، وهذا على سبيلِ الوجُوب فيمَن يدخلُ بها ولَم يُسَمِّ لَها مهراً، وعلى النَّدب في مَن سَمَّى لَها مهراً ثُم طلَّقَها قبلَ الدُّخولِ.
وقال سعيدُ بن المسيَّب: (نُسِخَ حُكْمُ هَذِهِ الآيَةِ بقَوْلِهِ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ
{ { فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ } [البقرة: 237]). وقال الحسنُ: (الْمُتْعَةُ وَاجِبَةٌ لِكُلِّ مُطَلَّقَةٍ وَمُخْتَلَعَةٍ وَمُلْتَعَنَةٍ، وَلَكِنْ لاَ يُجْيَرُ عَلَيْهَا الزَّوْجُ).
وقَوْلُهُ تَعَالَى: { وَسَرِّحُوهُنَّ } أرادَ له التسريحُ عن المنْزِلِ لا عن النكاحِ؛ لأن حقَّ الحبسِ لا يثبتُ إلاّ بأحدِ الأمرين: إما النكاحُ؛ وإما العدَّةُ، وقد عُدَّ ما جميع في هذا الموضعِ بعددِ الطَّلاق المذكور.
والسَّراحُ الجميلُ: هو الذي لا يكونُ فيه جَفْوَةٌ ولا أذَى ولا منعُ حقٍّ. قال ابنُ عبَّاس رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا في قولهِ { فَمَتِّعُوهُنَّ }: (أيْ أعْطُوهُنَّ الْمُتْعَةَ، قَالَ: وَهَذا إذا لَمْ يَكُنْ سَمَّى لَهَا صَدَاقاً، فَأَمَّا إذا فَرَضَ لَهَا صَدَاقاً فَلَهَا نِصْفٌ).