خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

هَـٰذَا وَإِنَّ لِلطَّاغِينَ لَشَرَّ مَآبٍ
٥٥
جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا فَبِئْسَ ٱلْمِهَادُ
٥٦
هَـٰذَا فَلْيَذُوقُوهُ حَمِيمٌ وَغَسَّاقٌ
٥٧

التفسير الكبير

قَوْلُهُ تَعَالَى: { هَـٰذَا وَإِنَّ لِلطَّاغِينَ لَشَرَّ مَآبٍ }؛ أي هذا الثوابُ الذي تقدَّم ذِكرهُ للمتَّقين، ثم ابتدأ الخبرَ عمَّا للطَّاغِينَ فَقَالَ: { وَإِنَّ لِلطَّاغِينَ } أي الذين طَغَوا على اللهِ وكذبُوا الرُّسلَ وجاوزوا الحدَّ في الكفرِ والمعصية { لَشَرَّ مَآبٍ } أي لشَرِّ مرجعٍ ومصير، ثم أخبرَ بذلك فقال: { جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا }؛ أي يلزَمُونَها يومَ القيامةِ، { فَبِئْسَ ٱلْمِهَادُ }؛ يُمهِّدُنَّها لأنفسهم، { هَـٰذَا } العذابُ { فَلْيَذُوقُوهُ حَمِيمٌ وَغَسَّاقٌ }؛ أي يقالُ لهم في ذلك اليومِ: هذا حميمٌ وغَسَّاقٌ فَلْيَذُوقُوهُ.
والْحَمِيمُ: الماءُ الحارُّ الذي قد انتَهى حَرُّهُ من طِينَةِ الْخَبَالِ وهي عُصَارَةُ أهْلِ النَّار. والغَسَّاقُ: ما سَالَ من جُلودِ أهلِ النَّار من القَيْحِ والصَّديدِ، مِن قولهم: غَسَقَتْ عينهُ إذا تَصَبَّتْ، والغَسَقَانُ الانْصِبَابُ.
قرأ حمزةُ والكسائي وخلف: (وَغَسَّاقٌ) بالتشديد على معنى أنه يُسَالُ من صَديدِ أهلِ النار. وقرأ الباقون بالتخفيف مصدرُ غَسَقَ يَغْسِقُ إذا سَالَ.
قال الكلبيُّ: (الْغَسَّاقُ هُوَ الزَّمْهَرِيرُ الْبَارِدُ الَّذِي قَدِ انْتَهَى بَرْدُهُ، يُحْرِقُهُمْ ببَرْدِهِ كَمَا تُحْرِقُهُمُ النَّارُ). وقال ابنُ زيد: (هُوَ الْمُنْتَنُّ بلُغَةِ التُّرْكِ وَالطَّخَاريَّةِ وَالْعَمَالِيقِ). وقال الحسنُ: (لاَ أدْري مَا الْغَسَّاقُ وَمَا سَمِعْتُ فِيهِ شَيْئاً مِنَ الصَّحَابَةِ إلاَّ أنَّهُ بَعْضُ مَا أُعِدَّ لأَهْلِ النَّار، قَوْمٌ أخْفَواْ مِنَ الْمَعْصِيَةِ أعْمَالاً فَأَخْفَى اللهُ لَهُمْ عِقَاباً).