قَوْلُهُ تَعَالَى: { ثُمَّ قِيلَ لَهُمْ }، ثم تقولُ لهم الزَّبَانِيَةُ: { أَيْنَ مَا كُنتُمْ تُشْرِكُونَ }، أين الآلِهةُ التي كُنتم تعبدونَها، وتَرجُونَ منافعَها، وتدعونَها، { مِن دُونِ ٱللَّهِ }، فيُؤلِمُونَ قلوبَهم بمثلِ هذا التوبيخِ كما يؤلِمُون أبدانَهم بالتعذيب، { قَـالُواْ }؛ فيقولُ الكفار: { ضَـلُّواْ عَنَّا }، أي ضَلَّتْ ألهتُنا عنَّا؛ أي ضاعَت فلا نرَاهَا، ثم يجحَدُون عبادةَ الأصنامِ فيقولون: { بَل لَّمْ نَكُنْ نَّدْعُواْ مِن قَبْلُ شَيْئاً }، إنْ لم نكن نعبدُ مِن قبل هذا شيئاً، ويجوزُ أن يكون هذا كالرَّجُل يعملُ عمَلاً لا ينتفعُ به، فيقالُ له: إيش تعملُ؟ فيقول: لا شيءَ.
وقولهُ تعالى: { كَذَلِكَ يُضِلُّ ٱللَّهُ ٱلْكَافِرِينَ }؛ أي هكَذا يُهلِكُهم ذلكَ العذابُ الذي نزلَ بكم، { ذَلِكُمْ بِمَا كُنتُمْ تَفْرَحُونَ فِي ٱلأَرْضِ بِغَيْرِ ٱلْحَقِّ }؛ بالباطل، { وَبِمَا كُنتُمْ تَمْرَحُونَ * ٱدْخُلُوۤاْ أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَبِئْسَ مَثْوَى ٱلْمُتَكَبِّرِينَ }؛ قال مقاتلُ: (يَعْنِي الْبَطَرَ وَالْخُيَلاَءَ).
والغِلُّ: هو ما يُجعَلُ في العُنقِ للإذلالِ والإهانةِ. والطَّوْقُ: هو ما يجعلُ للإجلالِ والكرامةِ. وقرأ ابنُ عبَّاس: (وَالسَّلاَسِلَ) بفتح اللام، و(يَسْحَبُونَ) بفتح الياء؛ معناهُ: ويَسحَبُونَ السلاسلَ.