خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ ٱلشَّيْطَٰنِ نَزْغٌ فَٱسْتَعِذْ بِٱللَّهِ إِنَّهُ هُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلْعَلِيمُ
٣٦
وَمِنْ آيَاتِهِ ٱلَّيلُ وَٱلنَّهَارُ وَٱلشَّمْسُ وَٱلْقَمَرُ لاَ تَسْجُدُواْ لِلشَّمْسِ وَلاَ لِلْقَمَرِ وَٱسْجُدُواْ لِلَّهِ ٱلَّذِي خَلَقَهُنَّ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ
٣٧
-فصلت

التفسير الكبير

قَوْلُهُ تَعَالَى: { وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ ٱلشَّيْطَٰنِ نَزْغٌ }؛ أي وإمَّا يلحقنَّكَ مِن الشيطانِ وَسْوَسَةٌ عند هفوةِ غيرِك وعندما يدعُو بكَ إلى معصيةِ الله فتصرِفُكَ الوسوسةُ عن الاحتمالِ، { فَٱسْتَعِذْ بِٱللَّهِ }؛ أي اعْتَصِمْ باللهِ من شرِّ الشَّيطانِ، امْضِ على حُكْمِكَ، { إِنَّهُ هُوَ ٱلسَّمِيعُ }؛ لِمقالَةِ أعدائِكَ، { ٱلْعَلِيمُ }؛ بهم وبمُجارَاتِهم.
ثُم ذكرَ اللهُ علاماتِ توحيدهِ ودلائل قُدرتهِ؛ فقال: { وَمِنْ آيَاتِهِ ٱلَّيلُ وَٱلنَّهَارُ وَٱلشَّمْسُ وَٱلْقَمَرُ }؛ أي ومن آياتهِ الدَّالةِ على رُبُوبيَّتِهِ ووَحدَانِيَّتهِ الليلُ والنهارُ بما فيهما من المنافعِ والمقاصدِ، والشمسُ والقمرُ بما فيهما من البدائعِ، { لاَ تَسْجُدُواْ لِلشَّمْسِ وَلاَ لِلْقَمَرِ وَٱسْجُدُواْ لِلَّهِ ٱلَّذِي خَلَقَهُنَّ }؛ أي لا تَعبدُوا الشمسَ والقمرَ، واعبدُوا اللهَ الذي خَلَقَهُنَّ، { إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ }؛ أي إنْ كُنتم تُرِيدونَ بعبادةِ الشَّمس والقمرِ عبادةَ اللهِ.
وذلك أنَّ قَوماً من الكفَّار يَسجُدونَ لَهما ويزعمونَ أنَّهم يتقرَّبون بذلكَ إلى اللهِ تعالى، فقيلَ لَهم: إنْ كنتم تريدون بذلكَ عبادةَ الله تعالى، فالسُّجود لِخالِقِهما أولَى من السُّجود لَهما.
فإنْ قِيْلَ: ما معنى قولهِ { خَلَقَهُنَّ } والقمرُ مذكَّرٌ والشمسُ مؤنَّثة، والمذكَّرُ والمؤنث إذا اجتمَعا غلبَ المذكَّر؟ قُلْنَا: إنَّ قوله (خَلَقَهُنَّ) راجعٌ إلى الآياتِ التي سَبَقَ ذكرُها في أوَّلِ هذه الآيةِ من الليل والنهار والشَّمسِ والقمر، ويكون ضميرُ ما لا يعقلُ على لفظ التأنيثِ كما يقالُ: هذه كِبَاشُ ذُبحْنَ وذُبحَتْ.