خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَلاَ تَأْكُلُواْ مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ ٱسْمُ ٱللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ وَإِنَّ ٱلشَّيَٰطِينَ لَيُوحُونَ إِلَىۤ أَوْلِيَآئِهِمْ لِيُجَٰدِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ
١٢١
-الأنعام

التفسير الكبير

قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: { وَلاَ تَأْكُلُواْ مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ ٱسْمُ ٱللَّهِ عَلَيْهِ }؛ يعني الذبائح. رويَ عن عبدِالله بن عمرَ: (أنَّهُ أتَى حُرّاً ذَبَحَ شَاةً نَسِيَ أنْ يَذْكُرَ اسْمَ اللهِ عَلَيْهَا، فأَمَرَ ابْنُ عُمَرَ غُلاَمَهُ أنْ يَقُومَ عِنْدَهُ، فَإذا جَاءَ إنْسِانٌ يَشْتَرِي مِنْهُ قَالَ: إنَّ ابْنَ عُمَرَ يَقُولُ: إنَّهُ لَمْ يُذْكَرْ عَلَيْهَا اسْمَ اللهِ، فَلاَ تَشْتَرِي).
وقال ابنُ سيرينَ: (إذا تَرَكَ التَّسْمِيَةَ نَاسِياً؛ لَمْ تُؤْكَلْ). إلاَّ أن أكثرَ أهل العلمِ على أن نسيانِها لاَ يوجبُ التحريْمَ. هكذا رُويَ عن عَلِيٍّ وابن عبَّاس ومجاهدٍ وعطاء وابنِ المسيِّب؛ قالوا: (إنْ تَرَكَ التَّسْمِيَةَ نَاسِياً لاَ بَأْسَ بأَكْلِهَا؛ لأَنَّ خِطَابَ الآيَةِ يَتَنَاوَلُ الْعَامِدَ، إذِ النَّاسِي فِي حَالِ نِسْيَانِهِ لاَ يَكُونُ مُكَلَّفاً).
وَقَوْلُهُ تَعَالَى: { وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ }؛ أي إنَّ أكلَهُ لفسقٌ. وَقيْلَ: إنْ تركَ التسميةَ، وَقِيْلَ: المذبوحَ بغير تسميةِ الله فِسْقٌ فيه حينَ ذُبحَ على غيرِ وجه الحقِّ؛ كقولهِ:
{ أَوْ فِسْقاً أُهِلَّ لِغَيْرِ ٱللَّهِ بِهِ } [الأنعام: 145].
قَوْلُهُ تَعَالَى: { وَإِنَّ ٱلشَّيَٰطِينَ لَيُوحُونَ إِلَىۤ أَوْلِيَآئِهِمْ لِيُجَٰدِلُوكُمْ }؛ أي إنَّ الشياطين لِيُوَسْوِسُونَ لأوليائِهم من الإنْسِ؛ وهم: أبُو الأَخْوَصِ الْخَثْعَمِيُّ وَبَدِيْنُ ابْنُ وَرْقَاءَ الْخُزَاعِيُّ وغَيرُهما من أهلِ مكَّة؛ كانوا يُخَاصِمُونَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم في أكلِ الْمَيْتَةِ وَاسْتِحْلاَلِهَا. والوَحْيُ: إلْقَاءُ الْمَعْنَى إلَى النَّفْسِ فِي الْخِفْيَةِ، { وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ }؛ في أكلِ الْمَيْتَةِ واستحلالِها من غير اضطرارٍ، { إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ }؛ مِثْلُهُمْ.
وفي هذا دليلٌ على أنَّ مَن اسْتَحَلَّ شيئاً مِمَّا حَرَّمَ اللهُ، أو حَرَّمَ شيئاً مما أحَلَّ اللهُ؛ فهو مُشْرِكٌ. وإنَّما سُمي مُشْرِكاً؛ لأنه اتَّبَعَ غيرَ اللهِ فأشركَ باللهِ غيرَهُ.