قَوْلُهُ تَعَالَى: { وَجَاوَزْنَا بِبَنِيۤ إِسْرَآئِيلَ ٱلْبَحْرَ }؛ أي أمرناهم بمجاوزَتِهِ ويسَّرناهُ عليهم حين خلفوا البحرَ وراءهم على سلامةٍ، وذلك من أعظمِ نِعَمِ اللهِ تعالَى، { فَأَتَوْاْ عَلَىٰ قَوْمٍ يَعْكُفُونَ عَلَىٰ أَصْنَامٍ لَّهُمْ }؛ أي يعبدون ويُوَاظِبُونَ على عبادةِ أصنام لَهم؛ وهو أهلُ الرّقةِ؛ أُنَاسٌ كفروا بعدَ إبراهيم، مَرَّتْ بهم بنو إسرائيل وهم قعودٌ حولَ أصنامِهم، { قَالُواْ يٰمُوسَىٰ ٱجْعَلْ لَّنَآ إِلَـٰهاً }؛ نعبدهُ، { كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ }؛ يعبدونَها.
وفي هذا بيانُ غايةِ جَهْلِهِمْ وعِنادِهم، فإن اللهَ خَلَّصَهُمْ من عدوِّهم ونَجَّاهم من الغرقِ، وقالوا هذا القولَ حين رأوا هؤلاء القومَ يعبدون الأصنامَ.
قَوْلُهُ تَعَالَى: { قَالَ }؛ لَهم موسى: { إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ }؛ صفاتَ اللهِ وما يجوزُ عليه وما لا يجوز؛ أي لا يعرفون أن الذي يُتَّخَذُ إلَهاً هو خالقُ الأجسام. ثُمَّ بَيَّنَ أن هؤلاء سيهلكون ويُهلَكُ ما يعبدونه فقال: قَالَ اللهُ تَعَالَى: { إِنَّ هَـٰؤُلاۤءِ مُتَبَّرٌ مَّا هُمْ فِيهِ }؛ أي مُهْلَكٌ ما هم فيه؛ { وَبَاطِلٌ }؛ وضَلاَلٌ؛ { مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ }، والتَّبَارُ: هو الهلاكُ.