خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

خُذِ ٱلْعَفْوَ وَأْمُرْ بِٱلْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ ٱلْجَاهِلِينَ
١٩٩
-الأعراف

التفسير الكبير

قَوْلُهُ تَعَالَى: { خُذِ ٱلْعَفْوَ وَأْمُرْ بِٱلْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ ٱلْجَاهِلِينَ }؛ قال ابنُ عبَّاس والسديُّ: (مَعْنَاهُ: خُذِ الْفَضْلَ مِنْ أمْوَالِهِمْ كَمَا قَالَ تَعَالَى: { وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلِ ٱلْعَفْوَ } [البقرة: 219] وَهَذا إنَّمَا كَانَ قَبْلَ فَرْضِ الزَّكَاةِ، فَصَارَ مَنْسُوخاً بالزَّكَاةِ). وقال الحسنُ ومجاهد: (خُذِ الْعَفْوَ مِنْ أخْلاَقِ النَّاسِ فِي الْقَضَاءِ وَالاقْتِضَاءِ وَقَبُولِ عُذْرهِمْ وَحُسْنِ الْمُعَامَلَةِ مَعَهُمْ وَمَا يَسْهُلُ عَلَيْهِمْ).
وأصلُ العفوِ التركُ من قولهِ تعالى:
{ فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ } [البقرة: 178] أي تَركَ، والعفوُ عن الذنب تركُ العقوبةِ. ويقالُ: معنى العفوِ الْمُسَاهَلَةُ في الأمور، يقالُ: خُذْ ما أتاكَ عَفْواً؛ أي سَهْلاً. وعنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم: "أنَّهُ سَأَلَ جِبْرِيلَ عَنْ هَذِهِ الآيَةِ فَقَالَ: حَتَّى أسْأَلَ، فَذهَبَ جِبْرِيْلُ فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ؛ إنَّ اللهَ يَأْمُرُكَ أنْ تَصِلَ مَنْ قَطَعَكَ، وَتُعْطِي مَنْ حَرَمَكَ، وَتَعْفُوَ مَنْ ظَلَمَكَ" .
قَوْلُهُ تَعَالَى: { وَأْمُرْ بِٱلْعُرْفِ } أي بالمعروفِ الذي تعرفُ العقلاء صِحَّتَهُ، وقال عطاءُ: (يَعْنِي لاَ إلَهَ إلاَّ اللهُ). وقولهُ تعالى: { وَأَعْرِضْ عَنِ ٱلْجَاهِلِينَ } أي عن أبي جهلٍ وأصحابهِ، نَسَخَتْهَا آيةُ السَّيفِ. ومعنى الإعراضِ عنهم؛ أي أعرِضْ عنهم بعدَ إقامة الحجَّة عليهم، ووقوعِ الإيَاسِ عن قَبولِهم، ولا تُقَابلْهم بالسَّفَهِ ولا تُجاوبْهم استخفافاً بهم وصيانةً لقَدرِكَ، فإنَّ مجاوبةَ السَّفيهِ تضعُ القدرَ.