خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

ٱسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لاَ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِن تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَن يَغْفِرَ ٱللَّهُ لَهُمْ ذٰلِكَ بِأَنَّهُمْ كَفَرُواْ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِ وَٱللَّهُ لاَ يَهْدِي ٱلْقَوْمَ ٱلْفَاسِقِينَ
٨٠
-التوبة

التفسير الكبير

قَوْلُهُ تَعَالَى: { ٱسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لاَ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِن تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَن يَغْفِرَ ٱللَّهُ لَهُمْ }؛ وذلك لَمَّا نزلت هذه الآيةُ التي قبلَ هذه أتَى المنافقون إلى رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وقالوا: يَا رَسُولَ اللهِ اسْتَغْفِرْ لَنَا، فَكَانَ عليه السلام يَسْتَغْفِرُُ لِقَوْمٍ مِنْهُمْ عَلَى ظَاهِرِ إسْلاَمِهِمْ مِنْ غَيْرِ عِلْمٍ مِنْهُ بنِفَاقِهِمْ، وَكَانَ إذا مَاتَ أحَدٌ مِنْهُمْ يَسْأَلُونَ رَسُولَ اللهِ الدُّعَاءَ وَالاسْتِغْفَارَ لِمَيِّتِهمْ، فَكَانَ يَسْتَغْفِرُ لَهُمْ عَلَى أنَّهُمْ مُسْلِمُون، فَأَعْلَمَهُ اللهُ بأنَّهُم مُنَافِقُونَ، وَأَخْبَرَ أنَّ اسْتِغْفَارَ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم لاَ يَنْفَعُهُمْ، فذلك قولهُ: { ٱسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لاَ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ } وهذه اللفظةُ لفظةُ الأمرِ، ومعناهُ الخبر؛ أي إنْ شِئْتَ استغفرتَ لهم، وإنْ شئتَ لا تستغفِرْ، فإنَّكَ إنِ استغفرتَ لهم سبعين مرَّة لن يغفرَ اللهُ.
قَوْلُهُ تَعَالَى: { ذٰلِكَ بِأَنَّهُمْ كَفَرُواْ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِ }؛ في بيان العلَّة التي لأجلِها لا ينفعُهم استغفار الرسولِ صلى الله عليه وسلم. قَوْلُهُ تَعَالَى: { وَٱللَّهُ لاَ يَهْدِي ٱلْقَوْمَ ٱلْفَاسِقِينَ }؛ أي لا يوفِّقُهم ولا يرشدهم إلى جنَّتهِ وثوابهِ وكرامته، وأما تخصيصُ (سَبْعِينَ مَرَّةً) بالذكرِ فهو لتأكيدِ نفي المغفرةِ بهذا؛ لأن الشيءَ إذا بُولِغَ في وصفهِ أكِّدَ بالسَّبع والسبعين، وهذه كما يقولُ القائل: لو سألتَني حاجتَكَ سبعين مرَّةً لم أقضِها، لا يريدُ أنه إذا أزادَ على السَّبعين قضَى حاجَتَهُ، ورُوي عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم أنه قال:
"لَوْ عَلِمْتُ أنِّي لَوْ زدْتُ عَلَى السَّبْعِين لَغُفِرَ لَهُمْ لَزِدْتُ عَلَيْهَا" .