خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكَآئِيَ ٱلَّذِينَ كُنتُمْ تَزْعُمُونَ
٧٤
وَنَزَعْنَا مِن كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً فَقُلْنَا هَاتُواْ بُرْهَانَكُمْ فَعَلِمُوۤاْ أَنَّ ٱلْحَقَّ لِلَّهِ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ
٧٥
-القصص

تأويلات أهل السنة

قوله: { وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكَآئِيَ ٱلَّذِينَ كُنتُمْ تَزْعُمُونَ }: قد ذكرناه.
وهذه الآيات التي يكررها ويعيدها مرة بعد مرة من قوله:
{ وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ مَاذَآ أَجَبْتُمُ ٱلْمُرْسَلِينَ } [القصص: 65]، وقوله: { وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكَآئِيَ ٱلَّذِينَ كُنتُمْ تَزْعُمُونَ }، وقوله: { وَقِيلَ ٱدْعُواْ شُرَكَآءَكُمْ } [القصص: 64]، وأمثال ذلك مما يكثر على علم منه أنهم لا يصدقونها، ولا يقبلونها ولا يستمعون إليها وإن كررت وأعيدت غير مرة؛ فهو - والله أعلم - يخرج على وجهين:
أحدهما: لزوم الحجة لما مكنوا من الاستماع والسماع، وإن كانوا لا يستمعون إليها.
والثاني: يكون فيه عظة للمؤمنين من وجوه:
أحدها: ليشكروا على ما عصموا من عبادة غير الله، ووفقوا [إلى] عبادة الله المستحق لها؛ ليعرفوا عظيم نعمة الله عليهم.
والثاني: ليحذروا عاقبتهم في الرجوع إلى ما هو عليه أولئك الكفرة، على ما حذر الرسل والأنبياء وأولو العصمة عاقبتهم في الرجوع إلى ذلك؛ كقول إبراهيم:
{ وَٱجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ ٱلأَصْنَامَ } [إبراهيم: 35]، وأمثاله كثير.
والثالث: خوف المعاملة لئلا يعاملوا هم في العمل كما عامل أولئك في الاعتقاد؛ لأن المؤمنين وإن خالفوا هم أولئك الكفرة في الاعتقاد في إشراك غيره في العبادة فربما يوافقونهم في العمل، فكررت هذه الأنباء والآيات عليهم وأعيدت مرة بعد مرة، وإن كان أولئك لا يستمعون إليها للوجوه التي ذكرنا.
والرابع: كررت غير مرة لما لعلهم لا يقبلون في وقت ويقبلون في وقت، فيقولون: لو كررت وأعيدت لقبلنا، فكررت وأعيدت لئلا يقولوا بأنها لو أعيدت وكررت لقبلناها، والله أعلم.
وقوله: { وَنَزَعْنَا مِن كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً }: قيل: شهيدها رسولها؛ كقوله:
{ فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِن كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ... } الآية [النساء: 41]، وقوله: { وَيَوْمَ نَبْعَثُ مِن كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً } [النحل: 84] ونحوه، سمي: شهيداً؛ لأنه شهد على ما عملوا، وحضر ما كان منهم - والله أعلم - من التكذيب والقبول والرد.
{ فَقُلْنَا هَاتُواْ بُرْهَانَكُمْ }: في تسميتكم الأصنام: آلهة، أو في استحقاقها العبادة، أو في زعمكم: هؤلاء شفعاؤنا عند الله ونحو ذلك، يقول: هاتوا برهانكم وحجتكم على ما زعمتم.
وقوله: { فَعَلِمُوۤاْ أَنَّ ٱلْحَقَّ لِلَّهِ }: هذا أيضاً يحتمل وجوهاً:
أحدها: علموا أن الألوهية والربوبية لله.
أو علموا أن الشفاعة لله لا للأصنام التي عبدوها ليكونوا شفعاء لهم عند الله؛ كقوله:
{ قُل لِلَّهِ ٱلشَّفَاعَةُ جَمِيعاً } [الزمر: 44].
أو أن يكون: أن الحق الذي عليهم وهي العبادة لله.
أو أن يكون ما جاء به الرسل من الحق إنما جاءوا به من عند الله.
{ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ } أي: ضل عنهم ما كانوا يأملون من عبادتهم تلك الأصنام من الشفاعة والزلفى.