خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَإِنَّ إِلْيَاسَ لَمِنَ ٱلْمُرْسَلِينَ
١٢٣
إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَلاَ تَتَّقُونَ
١٢٤
أَتَدْعُونَ بَعْلاً وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ ٱلْخَالِقِينَ
١٢٥
ٱللَّهَ رَبَّكُمْ وَرَبَّ آبَآئِكُمُ ٱلأَوَّلِينَ
١٢٦
فَكَذَّبُوهُ فَإِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ
١٢٧
إِلاَّ عِبَادَ ٱللَّهِ ٱلْمُخْلَصِينَ
١٢٨
وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي ٱلآخِرِينَ
١٢٩
سَلاَمٌ عَلَىٰ إِلْ يَاسِينَ
١٣٠
إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي ٱلْمُحْسِنِينَ
١٣١
إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا ٱلْمُؤْمِنِينَ
١٣٢
-الصافات

تأويلات أهل السنة

قوله - عز وجل -: { وَإِنَّ إِلْيَاسَ لَمِنَ ٱلْمُرْسَلِينَ }.
هذا ينقض على الباطنية مذهبهم؛ لأنهم يقولون: إن الرسل - عليهم السلام - ستة: آدم ونوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد - صلوات الله عليهم - وما سواهم أئمة، وفي الآية إخبار أن إلياس كان من المرسلين، هذا كله ينقض قولهم ويرد مذهبهم.
وقوله - عز وجل -: { إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَلاَ تَتَّقُونَ }، عبادة غير الله.
أو يقول: { أَلاَ تَتَّقُونَ }: ألا تخشون ولا تخافونه في ترككم عبادته واشتغالكم بعبادة غيره.
أو { أَلاَ تَتَّقُونَ } نقمة الله في مخالفتكم أمره ونهيه، والله أعلم.
وقوله - عز وجل -: { أَتَدْعُونَ بَعْلاً وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ ٱلْخَالِقِينَ }.
قال بعض أهل التأويل: البعل هاهنا الرب بلسان قومه، وذكر عن ابن عباس - رضي الله عنهما -: "أنه سئل عن قوله - عز وجل -: { أَتَدْعُونَ بَعْلاً } قال: فقال رجل: من يعرف الآثار، فقال أعرابي: بعلها، أي: ربها، فقال ابن عباس: كفاني الأعرابي جوابها".
لكن لا يحتمل أن يكون المراد من قوله: { أَتَدْعُونَ بَعْلاً } أي: ربا، إلا أن يكون ذكر أنه بلسان قومه، في قول: { أَتَدْعُونَ بَعْلاً }: ربا تعلمون أنه لا يضر ولا ينفع، وتذرون عبادة من تعلمون أنه يضر وينفع، أو تختارون عبادة من تعلمون أنه لا يملك الضر ولا النفع على عبادة من تعلمون أنه يملك ذلك.
وقال بعضهم: البعل: السيد هاهنا، وكذلك يقول في قوله:
{ وَهَـٰذَا بَعْلِي شَيْخاً } [هود: 72] أي: سيدي. وقال بعضهم: البعل: هو اسم الصنم هاهنا، يقول: أتعبدون صنماً وتذرون أحسن الخالقين، وأصل البعل: الزوج، كأنه يقول لهم: أتدعون من له أزواج وأشكال، وتذرون عبادة من لا زوج له ولا أشكال، والله الموفق.
وقال ابن عباس - رضي الله عنه -: أول هذه يماني وآخرها مضري وهو قوله: { وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ ٱلْخَالِقِينَ } يسمون كل صانع: خالقاً، والخلق: هو التقدير في اللغة يضاف إلى الخلق على المجاز وإن كان حقيقة التقدير لله - عز وجل - ذكر على ما عندهم لا على حقيقة الخلق، والله أعلم.
ثم يحتمل قوله - عز وجل -: { أَحْسَنَ ٱلْخَالِقِينَ }، أي: أحكم وأتقن؛ على ما ذكر: وهو
{ أَحْكَمُ ٱلْحَاكِمِينَ } [هود: 45]، أي: جعل في كل شيء أثر شهادة وحدانية الله وربوبيته.
أو { أَحْسَنَ ٱلْخَالِقِينَ } لما ذكر أنه خلقهم وخلق آباءهم الأولين، وأنه ربهم ورب الخلائق، فقالوا: من أحسن الخالقين؟ فعند ذلك [ذكر] ما ذكر ونعته: { ٱللَّهَ رَبَّكُمْ وَرَبَّ آبَآئِكُمُ ٱلأَوَّلِينَ }، ثم أخبر عنهم أنهم كذبوه مع ما ذكر لهم، وهو ما قال - عز وجل -: { فَكَذَّبُوهُ فَإِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ }، ولم يذكر في ماذا؟ لكن فيه بيان أنهم لمحضرون النار والعذاب؛ لأن أهل اللذات هم المحضرون أنفسهم و[أهل] العذاب يحضرون كرهاً لا بأنفسهم؛ كقوله - عز وجل -:
{ يُدَعُّونَ إِلَىٰ نَارِ جَهَنَّمَ دَعًّا } [الطور: 13]، وقوله - عز وجل -: { يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي ٱلنَّارِ عَلَىٰ وُجُوهِهِمْ } [القمر: 48]، وقوله: { وَيَصْلَىٰ سَعِيراً } [الانشقاق: 12] ونحوه، ثم استثنى العباد المخلصين منهم أنهم لا يحضرون النار.
وقوله - عز وجل -: { وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي ٱلآخِرِينَ * سَلاَمٌ عَلَىٰ إِلْ يَاسِينَ }.
هو ما ذكرنا أنه أبقى لهم الثناء الحسن [ومن أهلك] إنما أهلك بتكذيب الرسل وعنادهم، ومن نجا منهم إنما نجا بتصديقهم والإجابة لهم وإياكم وتكذيب محمد صلى الله عليه وسلم فينزل بكم كما نزل بأولئك.