مكتبة التفاسير
فهرس القرآن
التفاسير الأكثر قراءة
كتب أخرىٰ
التفاسير العظيمة
التفاسير العظيمة
يحتوي الموقع على 91 تفسير للقرآن الكريم و 25 كتاب في علوم القرآن
English
القائمة
الرئيسية
القرآن والتجويد
التفاسير
علم القراءات
علوم القرآن
بحث وفهارس
كتب متفرقة
تراجم
دراسات قرانية
الإعجاز العلمي
خريطة الموقع
نبذة عنا
خريطة الموقع
>
التفسير
التفاسير
١ الفاتحة
٢ البقرة
٣ آل عمران
٤ النساء
٥ المائدة
٦ الأنعام
٧ الأعراف
٨ الأنفال
٩ التوبة
١٠ يونس
١١ هود
١٢ يوسف
١٣ الرعد
١٤ إبراهيم
١٥ الحجر
١٦ النحل
١٧ الإسراء
١٨ الكهف
١٩ مريم
٢٠ طه
٢١ الأنبياء
٢٢ الحج
٢٣ المؤمنون
٢٤ النور
٢٥ الفرقان
٢٦ الشعراء
٢٧ النمل
٢٨ القصص
٢٩ العنكبوت
٣٠ الروم
٣١ لقمان
٣٢ السجدة
٣٣ الأحزاب
٣٤ سبأ
٣٥ فاطر
٣٦ يس
٣٧ الصافات
٣٨ ص
٣٩ الزمر
٤٠ غافر
٤١ فصلت
٤٢ الشورى
٤٣ الزخرف
٤٤ الدخان
٤٥ الجاثية
٤٦ الأحقاف
٤٧ محمد
٤٨ الفتح
٤٩ الحجرات
٥٠ ق
٥١ الذاريات
٥٢ الطور
٥٣ النجم
٥٤ القمر
٥٥ الرحمن
٥٦ الواقعة
٥٧ الحديد
٥٨ المجادلة
٥٩ الحشر
٦٠ الممتحنة
٦١ الصف
٦٢ الجمعة
٦٣ المنافقون
٦٤ التغابن
٦٥ الطلاق
٦٦ التحريم
٦٧ الملك
٦٨ القلم
٦٩ الحاقة
٧٠ المعارج
٧١ نوح
٧٢ الجن
٧٣ المزمل
٧٤ المدثر
٧٥ القيامة
٧٦ الإنسان
٧٧ المرسلات
٧٨ النبأ
٧٩ النازعات
٨٠ عبس
٨١ التكوير
٨٢ الانفطار
٨٣ المطففين
٨٤ الانشقاق
٨٥ البروج
٨٦ الطارق
٨٧ الأعلى
٨٨ الغاشية
٨٩ الفجر
٩٠ البلد
٩١ الشمس
٩٢ الليل
٩٣ الضحى
٩٤ الشرح
٩٥ التين
٩٦ العلق
٩٧ القدر
٩٨ البينة
٩٩ الزلزلة
١٠٠ العاديات
١٠١ القارعة
١٠٢ التكاثر
١٠٣ العصر
١٠٤ الهمزة
١٠٥ الفيل
١٠٦ قريش
١٠٧ الماعون
١٠٨ الكوثر
١٠٩ الكافرون
١١٠ النصر
١١١ المسد
١١٢ الاخلاص
١١٣ الفلق
١١٤ الناس
<
1
2
3
4
5
6
7
8
9
10
11
12
13
14
15
16
17
18
>
--- كل المدارس ---
أمهات التفاسير
تفاسير أهل السنة
تفاسير أهل السنة الصوفية
تفاسير أهل السنة السلفية
تفاسير ميسرة
تفاسير الشيعة الإثنى عشرية
تفاسيرالزيدية
تفاسيرالاباضية
تفاسير حديثة
تفاسير مختصرة
--- اختر التفسير---
تفسير القرآن/ الفيروز آبادي (ت817 هـ)
بحر العلوم/ السمرقندي (ت 375 هـ)
النكت والعيون/ الماوردي (ت 450 هـ)
معالم التنزيل/ البغوي (ت 516 هـ)
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز/ ابن عطية (ت 546 هـ)
زاد المسير في علم التفسير/ ابن الجوزي (ت 597 هـ)
تفسير القرآن/ ابن عبد السلام (ت 660 هـ)
مدارك التنزيل وحقائق التأويل/ النسفي (ت 710 هـ)
لباب التأويل في معاني التنزيل/ الخازن (ت 725 هـ)
البحر المحيط/ ابو حيان (ت 754 هـ)
التفسير/ ابن عرفة (ت 803 هـ)
غرائب القرآن و رغائب الفرقان/القمي النيسابوري (ت 728 هـ)
الجواهر الحسان في تفسير القرآن/ الثعالبي (ت 875 هـ)
اللباب في علوم الكتاب/ ابن عادل (ت 880 هـ)
نظم الدرر في تناسب الآيات والسور/ البقاعي (ت 885 هـ)
الدر المنثور في التفسير بالمأثور/ السيوطي (ت 911 هـ)
إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم/ ابو السعود (ت 951 هـ)
مقاتل بن سليمان/ مقاتل بن سليمان (ت 150 هـ)
الكشف والبيان / الثعلبي (ت 427 هـ)
تفسير مجاهد / مجاهد بن جبر المخزومي (ت 104 هـ)
الدر المصون/السمين الحلبي (ت 756 هـ)
التسهيل لعلوم التنزيل / ابن جزي الغرناطي (ت 741 هـ)
التفسير الكبير / للإمام الطبراني (ت 360 هـ)
تأويلات أهل السنة/ الماتريدي (ت 333هـ)
حاشية الصاوي / تفسير الجلالين (ت1241هـ)
تفسير سفيان الثوري/ عبد الله سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري الكوفي (ت161هـ)
تفسير النسائي/ النسائي (ت 303 هـ)
تفسير عبد الرزاق الصنعاني مصور /همام الصنعاني (ت 211 هـ)
محاسن التأويل / محمد جمال الدين القاسمي (ت 1332هـ)
تفسير المنار / محمد رشيد بن علي رضا (ت 1354هـ)
تفسير القرآن العزيز/ ابن أبي زمنين (ت 399هـ)
كتاب نزهة القلوب/ أبى بكر السجستاني (ت 330هـ)
عرض
قَالَتِ ٱلأَعْرَابُ آمَنَّا قُل لَّمْ تُؤْمِنُواْ وَلَـٰكِن قُولُوۤاْ أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ ٱلإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ وَإِن تُطِيعُواْ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ لاَ يَلِتْكُمْ مِّنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئاً إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ
١٤
إِنَّمَا ٱلْمُؤْمِنُونَ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُواْ وَجَاهَدُواْ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ أُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلصَّادِقُونَ
١٥
قُلْ أَتُعَلِّمُونَ ٱللَّهَ بِدِينِكُمْ وَٱللَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي ٱلسَّمَاوَاتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ وَٱللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ
١٦
يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُواْ قُل لاَّ تَمُنُّواْ عَلَيَّ إِسْلاَمَكُمْ بَلِ ٱللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَداكُمْ لِلإِيمَانِ إِن كُنْتُمْ صَادِقِينَ
١٧
إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ غَيْبَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَٱللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ
١٨
-الحجرات
أضف للمقارنة
تأويلات أهل السنة
قوله - عز وجل -: { قَالَتِ ٱلأَعْرَابُ آمَنَّا قُل لَّمْ تُؤْمِنُواْ وَلَـٰكِن قُولُوۤاْ أَسْلَمْنَا } هذه الآية وإن خرجت على مخرج العموم، ولكن أراد بها الخاص، وهو بعض الأعراب؛ إذ في الإجراء على العموم يؤدي إلى الكذب في خير الله - تعالى - عن ذلك؛ إذ لا كل الأعراب قالوا ذلك، ولا كل الأعراف يجب أن يقال لهم: لم تؤمنوا، ولكن يقال لهم: قولوا: أسملنا، فهو يرجع إلى خاص من الأعراب، فكأنه يرجع إلى أهل النفاق منهم، فإنهم أخبروا أنهم آمنوا، ولما آمنوا فلما اطلع الله - عز وجل - رسوله أنهم لم يؤمنوا، ولكنهم أستسلموا وخضعوا للمؤمنين ظاهراً؛ خوفاً من معرة السيف، وطمعاً فيما عند المسلمين من الخير، فنهاهم أن يقولوا: آمنا، إذا لم يكن في قلوبهم ذلك، وأمرهم أن يقولوا: أسملنا، ومعناه ما ذكرنا؛ أي: خضعنا واستسلمنا، ليرتفع عنهم السيف.
ولا يصح الاستدلال بالآية على أن الإسلام والإيمان غيران، فإنه غاير بينهما؛ حيث نهاهم أن يقولوا: آمنا وآمرهم أن يقولوا: أسلمنا، ولو كان واحداً لم يصح هذا؛ لأنا نقول: لم يرد بهذا الإسلام هو الإسلام الذي هو الإيمان، ولكن أراد به الاستسلام والانقياد الظاهر، وهو كما يسمى: إسلاماً يسمى: إيماناً - أيضاً - من حيث الظاهر، فأما حقيقة الإيمان والإسلام ترجع إلى واحد، لأن الإيمان هو أن يصدق كل شيء في شهادته على الربوبية والواحدانية لله - تعالى - والإسلام هو أن يجعل كل شيء لله سالماً، لا شركة لأحد فيه، فمتى اعتقد أن كل شيء في العالم لله - تعالى - وهو الخالق له، وكل مصنوع شاهد ودليل على صانعه فقد صدقه في شهادته على صانعه، والله الموفق.
وقوله - عز وجل -: { وَلَمَّا يَدْخُلِ ٱلإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ } الإيمان ليس هو محسوساً مركباً يدخل في القلب أو لا، ولكن معناه: نفى فعل القلب، وهو التصديق؛ كأنه قال: ولم تؤمن قلوبهم؛ على ما ذكر في آية أخرى
{ قَالُوۤاْ آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِن قُلُوبُهُمْ }
[المائدة: 41].
ثم هاتان الآيتان تنقضان على الكرامية مذهبهم في أن الإيمان لا يكون بالقلب، ولكن باللسان والقول، فإن أهل النفاق قد قالوا ذلك بلسانهم، ثم أخبر أنهم لم يؤمنوا، وهم يقولون: بل قد آمنوا.
فيقال لهم:
{ أَأَنْتُمْ أَعْلَمُ أَمِ ٱللَّهُ }
[البقرة: 140]،
{ قُلْ ءَآللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى ٱللَّهِ تَفْتَرُونَ }
[يونس: 59].
وفي هذه الآية آية عظيمة على رسالته؛ حيث قال له: { قُل لَّمْ تُؤْمِنُواْ وَلَـٰكِن قُولُوۤاْ أَسْلَمْنَا } وقد قال لهم - عليه الصلاة والسلام - ذلك، ولم يتهيأ لهم إنكار ذلك القول، فعرفوا أنه بالله عرف ذلك، ولم يظهروا ما في ضميرهم خوفاً من السيف ليعرف النبي - صلى الله عليه وسلم - والله الموفق.
وقوله - عز وجل -: { وَإِن تُطِيعُواْ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ لاَ يَلِتْكُمْ مِّنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئاً } جائز أن تكون الآية صلة ما ذكر في سورة الفتح للمنافقين بعد تخلفهم عن أمر الحديبية مع المؤمنين؛ حيث قال:
{ سَتُدْعَوْنَ إِلَىٰ قَوْمٍ أُوْلِي بَأْسٍ شَدِيدٍ }
[الفتح: 16] وما ذكر من أمرهم في غير آي من القرآن، يقول: { وَإِن تُطِيعُواْ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ لاَ يَلِتْكُمْ مِّنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئاً } يقول: إن تطيعوا الله ورسوله فيما يدعوكم الرسول إلى الخروج إلى الجهاد والقتال بعد تخلفكم عن الحديبية لا ينقصكم من أعمالكم التي كانت لكم شيئاً، و الله أعلم.
ويحتمل وإن تطيعوا الله ورسوله بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يلتكم من أعمالكم شيئاً، أي: لم ينقصكم من أعمالكم التي عملتموها من قبل، ولم تضلوا أعمالكم التي عملتم من بعد، وإن عصيتموه وتخلفتم عنه في حياته؛ لأنه قال:
{ فَإِن رَّجَعَكَ ٱللَّهُ إِلَىٰ طَآئِفَةٍ مِّنْهُمْ فَٱسْتَأْذَنُوكَ لِلْخُرُوجِ فَقُلْ لَّن تَخْرُجُواْ مَعِيَ أَبَداً وَلَن تُقَاتِلُواْ مَعِيَ عَدُوّاً }
[التوبة: 83] قد كان نهاهم عن الخروج معه للغزو أبداً، فيقول: إن تطيعوا بعد وفاته وتجاهدوا في سبيل الله لم يلتكم من أعاملكم شيئاً؛ بل يقبل ذلك منكم، والله أعلم.
ويحتمل أن يكون في المنافقين، فيكون فيها وعد المغفرة للمنافقين إذا تابوا وأطاعوا الله ورسوله، كما وعد المغفرة لجميع الكفرة إذا تابوا عن الكفر بقوله:
{ إِن يَنتَهُواْ يُغَفَرْ لَهُمْ مَّا قَدْ سَلَفَ }
[الأنفال: 38] فعلى ذلك هذا، وهو كقوله تعالى:
{ لِّيَجْزِيَ ٱللَّهُ ٱلصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ وَيُعَذِّبَ ٱلْمُنَافِقِينَ إِن شَآءَ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ }
[الأحزاب: 24]، والله أعلم.
قال بعضهم: هذا في جميع المؤمنين: إن من أطاع الله ورسوله لا ينقصكم من أعمالكم شيئاً؛ أي: لا يضيع أعمالكم؛ بل يثيبكم؛ كقوله - تعالى -:
{ يَرْجُونَ تِجَارَةً لَّن تَبُورَ }
[فاطر: 29] أي: من عمل لله لا يضيع، ومن عمل لغيره قد يضيع، فلا يظفر على ثوابه بشيء.
ويحتمل أن تكون الآية في المؤمنين الذين أسلموا؛ يقول: إذا أسلمتم فلم ينقصكم من ثواب أعمالكم ما سبق منكم من الكفر، وهو كقوله - تعالى -:
{ إِن يَنتَهُواْ يُغَفَرْ لَهُمْ مَّا قَدْ سَلَفَ }
[الأنفال: 38]، والله أعلم.
وقوله: { إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } ظاهر.
وقوله - عز وجل -: { إِنَّمَا ٱلْمُؤْمِنُونَ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُواْ وَجَاهَدُواْ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ أُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلصَّادِقُونَ } كأن هذا ذكر مقابل ما تقدم من قول المنافقين؛ حيث قال: { قَالَتِ ٱلأَعْرَابُ آمَنَّا }، فقال لهم: قل: لم تؤمنوا أنتم، إنما المؤمنون هؤلاء، ثم نعتهم فقال: { ٱلَّذِينَ آمَنُواْ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُواْ وَجَاهَدُواْ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ أُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلصَّادِقُونَ } أخبر أن هؤلاء هم الصادقون في إيمانهم، وأنتم يا أهل النفاق بحث أضمرتم الخلاف له ولم تجاهدوا معه فلستم بصادقين في إيمانكم، فجعل الجهاد دليل ظهور الصدق في الإيمان، لا أنه من شرائط الإيمان الذي لا يجوز الإيمان الذي دونه.
ويحتمل: { إِنَّمَا ٱلْمُؤْمِنُونَ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِ }؛ أي: صدقوا الله ورسوله سرّاً وعلانية على الحقيقة، لا الذين أظهروا ولم تكن قلوبهم مصدقة لذلك كالمنافقين؛ ألا ترى أنه قال: { ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُواْ وَجَاهَدُواْ } أي: لم يشكوا في حادث الوقت؛ بل جاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله؛ إظهاراً لتحقيق الإيمان وصدقه، وليسوا كالمنافقين الذين ارتابوا وشكوا في إيمانهم، وتخلفوا عن الجهاد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، والله أعلم.
ثم قال الله - تعالى -: { قُلْ أَتُعَلِّمُونَ ٱللَّهَ بِدِينِكُمْ } كأنه صلة قوله - تعالى - { قَالَتِ ٱلأَعْرَابُ آمَنَّا } حيث قالوا ذلك بألسنتهم، وليس ذلك في قلوبهم، فأخبر أنه يعلم ما في قلوبهم من الإيمان والشك والخلاف، كأنهم حين قال لهم الرسول صلى الله عليه وسلم: لم تؤمنوا، فجلوّا في ذلك وقالوا: بل آمنّا؛ ظنوا أنه إنما قال ذلك من دأب نفسه، فقال عند ذلك قل: { أَتُعَلِّمُونَ ٱللَّهَ بِدِينِكُمْ } يخير أن الذي أنبأني وأخبرني بذلك هو الذي يعلم غيب ما في السماوات وما في الأرض، وهو بكل شيء مما في القلوب من الصدق وغيره عليم، فكيف تعلمون الله بأنكم مؤمنون، وهو يعلم أنكم لكاذبون.
وقوله - عز وجل -: { يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُواْ } الذي حملهم وبعثهم على الامتنان عليه بالإيمان الذي أتوا به أنهم قوم لا يؤمنون بالآخرة؛ فيظنون أنهم إذا أظهروا الموافقة لم يلحقهم بسببه مؤنة الخروج إلى القتال.
أو متى أظهروا الإيمان يصير المسملون أعوانً لهم، ونحو ذلك.
هذا الذي ذكرنا ونحوه بعثهم وحملهم على الامتنان عليه، ولو كانوا يؤمنون بالآخرة لعرفوا أن إيمانهم لأنفسهم؛ إذ به نجاتهم، وإليهم يقع نفعه، ليس في الإيمان لله - تعالى - نفع، ولا في تركه ضرر، تعالى عن الضرر والنفع، فيكون الامتنان لله - تعالى - عليهم كما قال: { بَلِ ٱللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَداكُمْ لِلإِيمَانِ إِن كُنْتُمْ صَادِقِينَ }.
ثم [في] قوله - عز وجل -: { بَلِ ٱللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَداكُمْ لِلإِيمَانِ } نقض قول المعتزلة: إنه يجب على الله - تعالى - أن يهديهم؛ لقولهم بالأصلح، فإنه قال: { بَلِ ٱللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ } ولو كانت هدايتهم و اجبة عليه لا يكون له عليهم منة؛ لأنه مؤد [ما] عليه لهم من الحق، ومن أدى حقّاً عليه لآخر لا يكون له الامتنان على صاحب الحق، وكذلك في قوله - تعالى -:
{ فَضْلاً مِّنَ ٱللَّهِ وَنِعْمَةً }
[الحجرات: 8] لو كانت الهداية [واجبة] عليه لا يكون في فعله متفضلا ولا منعماً، بل يكون لهم عليه الامتنان، ومنهم الإفضال والإنعام؛ لما عظموه وبجلوه بشيء كان عليه فعل ذلك حقّاً واجباً له؛ فدل على فساد مذهبهم.
وفيه دلالة أن الهداية ليست هي البيان فحسب؛ لوجهين:
أحدهما: لأن هداية البيان مما قد كان فيحق الكافر والمسلم جميعاً، فلا معنى لتخصيص المسلمين بهذه المنة ومثلها موجود في حق غيرهمه.
والثاني: أن البيان قد عم الكافر والمؤمن، وقد أخبر الله - تعالى - بأن له المنة عليهم إن كانوا صادقين في إيمانهم، فلو كانت الهداية هي البيان لا غير، لكان لا يشترط فيه شرط صدقهم؛ لأن منة البيان نعم الصادقين وغير الصادقين دل أن المراد من الهداية: الإسلام، حتى تتحقق له المنة على الخصوص في حق المسلمين، والله الموفق.
ثم الهداية المذكرة - هاهنا - تحتمل وجهين:
أحدهما: خلق فعل الاهتداء منهم.ط
والثاني: التوفيق والعصمة؛ كأنه يقول: بل الله يمن عليكم أن خلق منكم الاهتداء أو وفقكم للإيمان، وعصمكم عن ضده، وكذلك يخرج قوله - تعالى -:
{ وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ ٱلإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ }
[الحجرات: 7] على هذه الوجهين: وفقكم له وعصمكم عن ضده، أو خلق حبه في قلوبكم وزينه، والله أعلم.
وقوله - عز وجل -: { وَٱللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ } هذا يخرج على الوعيد؛ أي: هو بصير بما أسروا وأعلنوا، ليكونوا أبداً على يقظة وحذر، ولا قوة إلا بالله، وصلى الله على سيدنا محمد وآله.
x
x
x
x
x
x
x
x
x
x
اختر كتب التفسير المراد اضافتها للمقارنة :
--- كل المدارس ---
أمهات التفاسير
تفاسير أهل السنة
تفاسير أهل السنة الصوفية
تفاسير أهل السنة السلفية
تفاسير ميسرة
تفاسير الشيعة الإثنى عشرية
تفاسيرالزيدية
تفاسيرالاباضية
تفاسير حديثة
تفاسير مختصرة
موافق
أعلى الصفحة
2024 © جميع الحقوق محفوظة