مكتبة التفاسير
فهرس القرآن
التفاسير الأكثر قراءة
كتب أخرىٰ
التفاسير العظيمة
التفاسير العظيمة
يحتوي الموقع على 91 تفسير للقرآن الكريم و 25 كتاب في علوم القرآن
English
القائمة
الرئيسية
القرآن والتجويد
التفاسير
علم القراءات
علوم القرآن
بحث وفهارس
كتب متفرقة
تراجم
دراسات قرانية
الإعجاز العلمي
خريطة الموقع
نبذة عنا
خريطة الموقع
>
التفسير
التفاسير
١ الفاتحة
٢ البقرة
٣ آل عمران
٤ النساء
٥ المائدة
٦ الأنعام
٧ الأعراف
٨ الأنفال
٩ التوبة
١٠ يونس
١١ هود
١٢ يوسف
١٣ الرعد
١٤ إبراهيم
١٥ الحجر
١٦ النحل
١٧ الإسراء
١٨ الكهف
١٩ مريم
٢٠ طه
٢١ الأنبياء
٢٢ الحج
٢٣ المؤمنون
٢٤ النور
٢٥ الفرقان
٢٦ الشعراء
٢٧ النمل
٢٨ القصص
٢٩ العنكبوت
٣٠ الروم
٣١ لقمان
٣٢ السجدة
٣٣ الأحزاب
٣٤ سبأ
٣٥ فاطر
٣٦ يس
٣٧ الصافات
٣٨ ص
٣٩ الزمر
٤٠ غافر
٤١ فصلت
٤٢ الشورى
٤٣ الزخرف
٤٤ الدخان
٤٥ الجاثية
٤٦ الأحقاف
٤٧ محمد
٤٨ الفتح
٤٩ الحجرات
٥٠ ق
٥١ الذاريات
٥٢ الطور
٥٣ النجم
٥٤ القمر
٥٥ الرحمن
٥٦ الواقعة
٥٧ الحديد
٥٨ المجادلة
٥٩ الحشر
٦٠ الممتحنة
٦١ الصف
٦٢ الجمعة
٦٣ المنافقون
٦٤ التغابن
٦٥ الطلاق
٦٦ التحريم
٦٧ الملك
٦٨ القلم
٦٩ الحاقة
٧٠ المعارج
٧١ نوح
٧٢ الجن
٧٣ المزمل
٧٤ المدثر
٧٥ القيامة
٧٦ الإنسان
٧٧ المرسلات
٧٨ النبأ
٧٩ النازعات
٨٠ عبس
٨١ التكوير
٨٢ الانفطار
٨٣ المطففين
٨٤ الانشقاق
٨٥ البروج
٨٦ الطارق
٨٧ الأعلى
٨٨ الغاشية
٨٩ الفجر
٩٠ البلد
٩١ الشمس
٩٢ الليل
٩٣ الضحى
٩٤ الشرح
٩٥ التين
٩٦ العلق
٩٧ القدر
٩٨ البينة
٩٩ الزلزلة
١٠٠ العاديات
١٠١ القارعة
١٠٢ التكاثر
١٠٣ العصر
١٠٤ الهمزة
١٠٥ الفيل
١٠٦ قريش
١٠٧ الماعون
١٠٨ الكوثر
١٠٩ الكافرون
١١٠ النصر
١١١ المسد
١١٢ الاخلاص
١١٣ الفلق
١١٤ الناس
<
1
2
3
4
5
6
7
8
9
10
11
12
13
14
15
16
17
18
19
20
21
22
23
24
25
26
27
28
29
30
31
32
33
34
35
36
37
38
39
40
41
42
43
44
45
46
47
48
49
50
51
52
53
54
55
56
57
58
59
60
61
62
63
64
65
66
67
68
69
70
71
72
73
74
75
76
77
78
79
80
81
82
83
84
85
86
87
88
89
90
91
92
93
94
95
96
97
98
99
100
101
102
103
104
105
106
107
108
109
110
111
112
113
114
115
116
117
118
119
120
121
122
123
124
125
126
127
128
129
130
131
132
133
134
135
136
137
138
139
140
141
142
143
144
145
146
147
148
149
150
151
152
153
154
155
156
157
158
159
160
161
162
163
164
165
>
--- كل المدارس ---
أمهات التفاسير
تفاسير أهل السنة
تفاسير أهل السنة الصوفية
تفاسير أهل السنة السلفية
تفاسير ميسرة
تفاسير الشيعة الإثنى عشرية
تفاسيرالزيدية
تفاسيرالاباضية
تفاسير حديثة
تفاسير مختصرة
--- اختر التفسير---
تفسير القرآن/ الفيروز آبادي (ت817 هـ)
بحر العلوم/ السمرقندي (ت 375 هـ)
النكت والعيون/ الماوردي (ت 450 هـ)
معالم التنزيل/ البغوي (ت 516 هـ)
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز/ ابن عطية (ت 546 هـ)
زاد المسير في علم التفسير/ ابن الجوزي (ت 597 هـ)
تفسير القرآن/ ابن عبد السلام (ت 660 هـ)
مدارك التنزيل وحقائق التأويل/ النسفي (ت 710 هـ)
لباب التأويل في معاني التنزيل/ الخازن (ت 725 هـ)
البحر المحيط/ ابو حيان (ت 754 هـ)
التفسير/ ابن عرفة (ت 803 هـ)
غرائب القرآن و رغائب الفرقان/القمي النيسابوري (ت 728 هـ)
الجواهر الحسان في تفسير القرآن/ الثعالبي (ت 875 هـ)
اللباب في علوم الكتاب/ ابن عادل (ت 880 هـ)
نظم الدرر في تناسب الآيات والسور/ البقاعي (ت 885 هـ)
الدر المنثور في التفسير بالمأثور/ السيوطي (ت 911 هـ)
إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم/ ابو السعود (ت 951 هـ)
مقاتل بن سليمان/ مقاتل بن سليمان (ت 150 هـ)
الكشف والبيان / الثعلبي (ت 427 هـ)
تفسير مجاهد / مجاهد بن جبر المخزومي (ت 104 هـ)
الدر المصون/السمين الحلبي (ت 756 هـ)
التسهيل لعلوم التنزيل / ابن جزي الغرناطي (ت 741 هـ)
التفسير الكبير / للإمام الطبراني (ت 360 هـ)
تأويلات أهل السنة/ الماتريدي (ت 333هـ)
حاشية الصاوي / تفسير الجلالين (ت1241هـ)
تفسير سفيان الثوري/ عبد الله سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري الكوفي (ت161هـ)
تفسير النسائي/ النسائي (ت 303 هـ)
تفسير عبد الرزاق الصنعاني مصور /همام الصنعاني (ت 211 هـ)
محاسن التأويل / محمد جمال الدين القاسمي (ت 1332هـ)
تفسير المنار / محمد رشيد بن علي رضا (ت 1354هـ)
تفسير القرآن العزيز/ ابن أبي زمنين (ت 399هـ)
كتاب نزهة القلوب/ أبى بكر السجستاني (ت 330هـ)
عرض
وَعِندَهُ مَفَاتِحُ ٱلْغَيْبِ لاَ يَعْلَمُهَآ إِلاَّ هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي ٱلْبَرِّ وَٱلْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلاَّ يَعْلَمُهَا وَلاَ حَبَّةٍ فِي ظُلُمَٰتِ ٱلأَرْضِ وَلاَ رَطْبٍ وَلاَ يَابِسٍ إِلاَّ فِي كِتَٰبٍ مُّبِينٍ
٥٩
وَهُوَ ٱلَّذِي يَتَوَفَّٰكُم بِٱلَّيلِ وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُم بِٱلنَّهَارِ ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ فِيهِ لِيُقْضَىٰ أَجَلٌ مُّسَمًّى ثُمَّ إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ ثُمَّ يُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ
٦٠
وَهُوَ ٱلْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَيُرْسِلُ عَلَيْكُم حَفَظَةً حَتَّىٰ إِذَا جَآءَ أَحَدَكُمُ ٱلْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لاَ يُفَرِّطُونَ
٦١
ثُمَّ رُدُّوۤاْ إِلَىٰ ٱللَّهِ مَوْلاَهُمُ ٱلْحَقِّ أَلاَ لَهُ ٱلْحُكْمُ وَهُوَ أَسْرَعُ ٱلْحَاسِبِينَ
٦٢
-الأنعام
أضف للمقارنة
تأويلات أهل السنة
قوله - عز وجل -: { وَعِندَهُ مَفَاتِحُ ٱلْغَيْبِ لاَ يَعْلَمُهَآ إِلاَّ هُوَ }.
هذا - والله أعلم - يحتمل أن يكون صلة قوله:
{ قُل لاَّ أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَآئِنُ ٱللَّهِ وَلاۤ أَعْلَمُ ٱلْغَيْبَ }
[الأنعام: 50]، وصلة قوله: { مَا تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ }؛ كانوا يطلبون منه صلى الله عليه وسلم ويسألونه أشياء من التوسيع في الرزق، وغير ذلك مما كان يعدهم من الكرامة والمنزلة والسعة، وكان يوعدهم بالعذاب ويخوفهم بالهلاك، فيستعجلون ذلك منه ويطلبون منه ما أوعدهم فقال: { وَعِندَهُ مَفَاتِحُ ٱلْغَيْبِ }، ليس ذلك عندي، لا يعلم ذلك إلا هو.
ومفاتح: من المفتح، ليس من المفتاح [؛ لأن المفتاح] يكون جمعه مفاتيح، والمفتح: يقال في النصر والمعونة؛ يقال: فتح الله عليه بلدة كذا، أي: نصره وجعله غالباً عليهم، ويقال فيما يحدثه ويستفيد منه: فتح فلان على فلان باب كذا، أي: علمه علم ذلك.
وقوله - عز وجل -: { وَعِندَهُ مَفَاتِحُ ٱلْغَيْبِ لاَ يَعْلَمُهَآ إِلاَّ هُوَ }.
أي: من عنده يستفاد ذلك ومنه يكون، ومن نصر آخر إنما ينصر به، ومن علم آخر علما إنما يعلمه به، ومن وسع على آخر رزقاً إنما يوسعه بالله، كل هذا يشبه أن يخرج تأويل الآية.
وقوله - عز وجل -: { وَيَعْلَمُ مَا فِي ٱلْبَرِّ وَٱلْبَحْرِ }.
هذا يحتمل وجوهاً؛ يحتمل [أي يعلم] ما في البر والبحر من الدواب، وما يسكن فيها من ذي الروح، كثرتها وعددها وصغيرها [وكبيرها] لا يخفى عليه شيء.
والثاني: { وَيَعْلَمُ مَا فِي ٱلْبَرِّ وَٱلْبَحْرِ }، أي: يعلم رزق كل ما في البر والبحر من الدواب ويعلم حاجته، ثم يسوق إلى كل من ذلك رزقه.
يذكر هذا - والله أعلم - ليعلموا أنه لما ضمن للخلق لكل منهم رزقه، يسوق إليه رزقه من غير تكلف ولا طلب؛ [كما يسوق أرزاق] كل ما في البر والبحر من غير طلب ولا تكلف، لا تضيق قلوبهم لذلك، فما بالكم تضيق قلوبكم على ذلك، وقد ضمن ذلك لكم كما ضمن لأولئك؟!
والثالث: يعلم ما في البر والبحر من اختلاط الأقطار بعضها ببعض، ومن دخول بعض في بعض، يخرج هذا على الوعيد: أنه لما كان عالماً بهذا كله يعلم بأعمالكم ومقاصدكم.
فإن قيل: هذا الذي ذكر كله في الظاهر دعوى، فما الدليل على أنه كذلك؟
قيل: اتساق التدبير في كل شيء وآثاره فيه يدل على أنه كان بتدبير واحد؛ لأن آثار التدبير في كل شيء واتساقه على سنن واحد ظاهرة بادية، فذلك يدل على ما ذكر.
وقوله - عز وجل -: { وَلاَ رَطْبٍ وَلاَ يَابِسٍ إِلاَّ فِي كِتَٰبٍ مُّبِينٍ... } [الآية].
يحتمل الكتاب - هاهنا -: التقدير والحكم اختلف فيه؛ قال بعضهم: قوله: { إِلاَّ فِي كِتَٰبٍ مُّبِينٍ } أي: محفوظ كله عنده؛ يقول الرجل لآخر: عملك كله عندي مكتوب، يريد الحفظ، أي: محفوظ عندي، وذلك جائز في الكلام.
وقيل: الكتاب - هاهنا -: [هو] اللوح المحفوظ، أي: كله مبين فيه.
وقال الحسن -
رحمه الله
-: إن الله يخرج كتاباً في كل ليلة قدر، ويدفعه إلى الملائكة، وفيه مكتوب كل ما يكون في تلك السنة؛ ليحفظوه على ما يكون. أو كلام نحو هذا، والله أعلم.
وقوله - عز وجل -: { وَهُوَ ٱلَّذِي يَتَوَفَّٰكُم بِٱلَّيلِ وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُم بِٱلنَّهَارِ }.
قال بعض أهل الكلام: إن لكل حاسة من هذه الحواس روحاً تقبض عند النوم، ثم ترد إليها، سوى روح الحياة فإنها لا تقبض؛ لأنه يكون أصم بصيراً متكلماً ناطقاً، ويكون أعمى سميعاً، ويكون أخرس سميعاً بصيراً، فثبت أن لكل حاسة من حواس النفس روحاً على حدة تقبض عند النوم، ثم ترد إليها إذا ذهب النوم.
وأما الروح التي بها تحيا النفس: فإنه لا يقبض ذلك منه إلا عند انقضاء أجله وهو الموت.
وقالت الفلاسفة: الحواس هي التي تدرك صور الأشياء بطينتها.
وقوله: { وَهُوَ ٱلَّذِي يَتَوَفَّٰكُم بِٱلَّيلِ وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُم بِٱلنَّهَارِ }.
فيه دلالة أن ليس ذكر الحكم في حال أو تخصيص الشيء في حال دلالة سقوط ذلك في حال أخرى؛ لأنه قال: { وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُم بِٱلنَّهَارِ }، ليس فيه أنه لا يعلم ما جرحنا بالليل، بل يعلم ما يكون منا بالليل والنهار جميعاً، وليس فيه أنه لا يتوفانا بالنهار وألا نجرح بالليل، لكنه ذكر الجرح بالنهار والوفاة بالليل؛ [لما أن الغالب أن يكون النوم بالليل والجرح بالنهار؛ فهو كقوله - تعالى:
{ وَٱلنَّهَارَ مُبْصِراً }
[يونس: 67] ليس ألا يبصر بالليل، لكن ذكر النهار] لما أن الغالب مما يبصر إنما يكون بالنهار؛ فعلى ذلك الأول.
ثم فيه دلالة أن النائم غير مخاطب في حال نومه؛ حيث ذكر الوعيد فيما يجرحون بالنهار ولم يذكر بالليل.
وقوله - عز وجل -: { وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُم بِٱلنَّهَارِ }.
قال بعضهم: جرحتم، أي: أثمتم بالنهار.
وقيل: يعلم ما كسبتم بالنهار.
وقوله - عز وجل -: { ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ فِيهِ }.
يستدل بقوله: { يَتَوَفَّٰكُم بِٱلَّيلِ وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُم بِٱلنَّهَارِ ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ فِيهِ } على الإحياء بعد الموت؛ لأنه يذهب أرواح هذه الحواس ثم يردها إليها من غير أن يبقى لها أثر، فكيف تنكرون البعث بعد الموت وإن لم يبق من أثر الحياة [شيء]؟!
ثم القول في الجمع بعد التفرق مما الخلق يفعل ذلك ويقدر عليه؛ نحو ما يجمع من التراب المتفرق فيجعله طيناً، ورفع البناء من مكان، ووضعه في مكان آخر، وغير ذلك من جمع بعض إلى بعض، وتركيب بعض على بعض؛ فدل أن الأعجوبة في ردّ ما ذهب كله حتى لم يبق له أثر، لا في جمع ما تفرق، والله أعلم.
وقوله - عز جل -: { ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ فِيهِ }.
أي: يوقظكم، ويرد إليكم أرواح الحواس.
{ لِيُقْضَىٰ أَجَلٌ مُّسَمًّى }.
أي: مسمى العمر إلى الموت.
{ ثُمَّ إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ ثُمَّ يُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ }.
خرج هذا على الوعيد لما ذكرنا؛ ليكونوا على حذر.
وقوله - عز وجل -: { وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُم بِٱلنَّهَارِ }، وقوله: { وَعِندَهُ مَفَاتِحُ ٱلْغَيْبِ لاَ يَعْلَمُهَآ إِلاَّ هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي ٱلْبَرِّ وَٱلْبَحْرِ }.
يعلم كل ما يغيب عن الخلق ولا يخفى عليه شيء؛ لأنه عالم بذاته لا يحجبه شيء، ليس كعلم من يعلم بغيره، فيحول بينه وبين العلم بالأشياء الحجب والأستار، فأما الله -
سبحانه
وتعالى
- فعالم بذاته لا يعزب عنه شيء، ولا يكون له حجاب عن شيء.
وقوله - عز وجل -: { وَهُوَ ٱلْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَيُرْسِلُ عَلَيْكُم حَفَظَةً }: فيه جميع ما يحتاج أهل التوحيد في التوحيد؛ لأنه أخبر أنه قاهر لخلقه وهم مقهورون، ومن البعيد أن يشبه القاهر المقهور بشيء، أو يشبه المقهور القاهر بوجه، أو يكون المقهور شريك القاهر في معنى؛ لأنه لو كان شيء من ذلك لم يكن قاهرا من جميع الوجوه، ولا كان الخلق مقهوراً في الوجوه كلها، فإذا كان الله قاهراً بذاته الخلق كله كانت آثار قهره فيهم ظاهرة، وأعلام سلطانه فيهم بادية؛ دل على تعاليه عن الأشباه والأضداد، وأنه كما وصف
{ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ }
[الشورى: 11].
وقوله: { وَهُوَ ٱلْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ }.
يكون على وجهين:
أحدهما: وهو القاهر وهو فوق عباده.
الثاني: على التقديم والتأخير؛ وهو فوق عباده القاهر.
ويحتمل قوله: { فَوْقَ عِبَادِهِ }: بالنصر لهم والمعونة والدفع عنهم؛ كقوله:
{ يَدُ ٱللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ }
[الفتح: 10]، أي: بالنصر والمعونة، والعظمة والرفعة والجلال، ونفاذ السلطان والربوبية.
وقوله - عز وجل -: { وَيُرْسِلُ عَلَيْكُم حَفَظَةً }.
أخبر أنه القاهر فوق عباده، وأنه أرسل عليهم الحفظة؛ ليعلموا أن إرسال الحفظة عليهم لا لحاجة له [في ذلك لما أخبر [أنه] قاهر فوق عباده ولو كان ذلك لحاجة له] لم يكن قاهراً؛ لأن كل من وقعت له حاجة صار مقهوراً تحت قهر آخر، فالله - تعالى - يتعالى عن أن تمسه حاجة، أو يصيبه شيء مما يصيب الخلق، بل إنما أرسلهم عليهم لحاجة الخلق: إما امتحاناً منه للحفظة على محافظة أعمال العباد والكتابة عليهم، من غير أن تقع له في ذلك حاجة، يمتحنهم على ذلك، ولله أن يمتحن عباده بما شاء من أنواع المحن، وإن أكرمهم ووصفهم بالطاعة في الأحوال كلها بقوله:
{ لاَّ يَعْصُونَ ٱللَّهَ مَآ أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ }
[التحريم: 6]، وغير ذلك من الآيات.
والثاني: يرسلهم عليهم بمحافظة أعمالهم والكتابة عليهم؛ ليكونوا على حذر في ذلك [العمل]، [وذلك في الزجر أبلغ وأكثر؛ لأن من علم أن عليه رقيباً في عمله وفعله كان أحذر في ذلك العمل]. وأنظر فيه، وأحفظ له ممن لم يكن عليه ذلك، وإن كان يعلم كل مسلم أن الله عالم الغيب لا يخفى عليه شيء، عالم بما كان منهم وبما يكون أنه كيف يكون؟ ومتى يكون؟
ثم اختلف في الحفظة هاهنا:
قال بعضهم: هم الذين قال الله [فيهم]:
{ إِذَا ٱلسَّمَآءُ ٱنفَطَرَتْ * وَإِذَا ٱلْكَوَاكِبُ ٱنتَثَرَتْ * وَإِذَا ٱلْبِحَارُ فُجِّرَتْ * وَإِذَا ٱلْقُبُورُ بُعْثِرَتْ * عَلِمَتْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ وَأَخَّرَتْ * يٰأَيُّهَا ٱلإِنسَٰنُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ ٱلْكَرِيمِ * ٱلَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ * فِيۤ أَيِّ صُورَةٍ مَّا شَآءَ رَكَّبَكَ * كَلاَّ بَلْ تُكَذِّبُونَ بِٱلدِّينِ * وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ * كِرَاماً كَاتِبِينَ * يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ }
[الانفطار: 1-12] يكتبون أعمالهم ويحفظونها عليهم.
وقال آخرون: هم الذين يحفظون أنفاس الخلق، ويعدون عليهم إلى وقت انقضائها وفنائها، ثم تقبض منه الروح ويموت؛ ألا ترى أنه قال على أثره: { حَتَّىٰ إِذَا جَآءَ أَحَدَكُمُ ٱلْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لاَ يُفَرِّطُونَ }؛ دل على أن الحفظة - هاهنا - هم الذين سلطوا على حفظ الأنفاس، والعد عليهم إلى وقت الموت، والله أعلم.
ثم في قوله: { حَتَّىٰ إِذَا جَآءَ أَحَدَكُمُ ٱلْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا } دلالة خلق أفعال العباد؛ لأنه ذكر مجيء الموت وتوفي الرسل، وقال:
{ خَلَقَ ٱلْمَوْتَ وَٱلْحَيَاةَ }
[الملك: 2] ومجيء الموت هو توفي الرسل وتوفي الرسل هو مجيء الموت.
ثم أخبر أنه خلق الموت دل أنه خلق توفيهم، فاحتال بعض المعتزلة في هذا وقال: إن الملك هو الذي ينزع الروح ويجمعه في [موضع]، ثم إن الله يتلفه ويهلكه. فلئن كان ما قال، فإذن لا يموت بتوفي الرسل أبداً؛ لأنهم إذا نزعوا وجمعوا في موضع تزداد حياة الموضع الذي جمعوا فيه؛ لأنه اجتمع كل روح النفس في ذلك الموضع، فإن لم يكن دل أن ذلك خيال، والوجه فيه ما ذكرنا من الدلالة، وهو ظاهر بحمد الله، يعرفه كل عاقل يتأمل فيه ولم يعاند، وبالله التوفيق.
ثم اختلف في قوله: { تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا }:
قال بعضهم: هو ملك الموت وحده، وإن خرج الكلام مخرج العموم بقوله: { رُسُلُنَا }، والمراد منه الخصوص؛ ألا ترى أنه قال في آية أخرى:
{ قُلْ يَتَوَفَّاكُم مَّلَكُ ٱلْمَوْتِ ٱلَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ }
[السجدة: 11]، أخبر أنه هو الموكل والمسلط على ذلك.
وقال آخرون: يتوفاه أعوان ملك الموت، ثم يقبضه ملك الموت ويتوفاه.
وقال قائلون: يكون معه ملائكة تقبض الأنفس، ويتوفاه ملك الموت.
لكن [ذكر] ذلك لا ندري أن كيف هو،؟ ليس بنا إلى معرفة ذلك حاجة، ولكن إلى معرفة ما ذكرنا.
وقوله: { وَهُمْ لاَ يُفَرِّطُونَ } فيه إخبار عن شدة طاعة الملائكة ربهم، وأن الرأفة لا تأخذهم فيما فيه تأخير أمر الله وتفريطه؛ لأن من دخل على من في النزع، أخذته من الرأفة ما لو ملك حياته لبذل له، فأخبر عز وجل أنهم لا يفرطون فيما أمروا ولا يؤخرونه؛ لتعظيمهم أمر الله وشدة طاعتهم له، وعلى ذلك وصفهم:
{ غِلاَظٌ شِدَادٌ لاَّ يَعْصُونَ ٱللَّهَ مَآ أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ }
[التحريم: 6]، وقال - عز وجل -:
{ لاَ يَسْبِقُونَهُ بِٱلْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ }
[الأنبياء: 27]، وقال:
{ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَلاَ يَسْتَحْسِرُونَ }
[الأنبياء: 19].
وقوله - عز وجل -: { ثُمَّ رُدُّوۤاْ إِلَىٰ ٱللَّهِ مَوْلاَهُمُ ٱلْحَقِّ }.
ذكر الرد إلى الله، وأنه مولاهم الحق، وإن كانوا في الأحوال كلها مردودين إلى الله، وكان مولاهم الحق في الدنيا والآخرة.
وكذلك قوله:
{ وَبَرَزُواْ لِلَّهِ جَمِيعاً }
[إبراهيم: 21] وكذلك قوله:
{ لِّمَنِ ٱلْمُلْكُ ٱلْيَوْمَ }
[غافر: 16] كان الملك له في الدنيا والآخرة، وكانوا بارزين له جميعاً في الأوقات كلها؛ لما كانوا أصحاب الشكوك، فارتفع ذلك عنهم، وخلص بروزهم وردهم إلى الله خالصاً لا شك فيه؛ وكذلك كان الملك [له] في الدنيا والآخرة وهي الأيام كلها، لكن نازعه غيره في الملك في الدنيا، ولا أحد ينازعه في ذلك اليوم في الملك، فقال:
{ لِّمَنِ ٱلْمُلْكُ ٱلْيَوْمَ لِلَّهِ ٱلْوَاحِدِ ٱلْقَهَّارِ }
[غافر: 16]؛ وعلى ذلك قوله: { مَوْلاَهُمُ ٱلْحَقِّ }، كان مولاهم الحق في الأوقات كلها والأحوال، ولكن عند ذلك يظهر لهم أنه كان مولاهم الحق.
وقوله - عز وجل -: { ثُمَّ رُدُّوۤاْ إِلَىٰ ٱللَّهِ }.
يحتمل: ردوا إلى ما وعدهم وأوعد.
وقوله - عز وجل -: { أَلاَ لَهُ ٱلْحُكْمُ }.
يحتمل قوله: { أَلاَ لَهُ ٱلْحُكْمُ }: في تأخير الموت والحياة، وقبض الأرواح، وتوفي الأنفس.
ويحتمل [قوله]: { أَلاَ لَهُ ٱلْحُكْمُ } في التعذيب في النار والثواب والعقاب ليس يدفع ذلك عنهم دافع سواه، ولا ينازعه أحد في الحكم.
{ وَهُوَ أَسْرَعُ ٱلْحَاسِبِينَ }.
عن الحسن قال: هو سريع العقاب؛ لأنه إنما يحاسب ليعذب كما روي:
"من نوقش الحساب عذب"
وهو أسرع الحاسبين؛ لأنه لا يحاسب عن حفظ ولا تفكر، ولا يشغله شيء، وأما غيره: فإنما يحاسب عن حفظ وتفكر وعن شغل، فهو أسرع الحاسبين؛ إذ لا يشغله شيء.
x
x
x
x
x
x
x
x
x
x
اختر كتب التفسير المراد اضافتها للمقارنة :
--- كل المدارس ---
أمهات التفاسير
تفاسير أهل السنة
تفاسير أهل السنة الصوفية
تفاسير أهل السنة السلفية
تفاسير ميسرة
تفاسير الشيعة الإثنى عشرية
تفاسيرالزيدية
تفاسيرالاباضية
تفاسير حديثة
تفاسير مختصرة
موافق
أعلى الصفحة
2024 © جميع الحقوق محفوظة