مكتبة التفاسير
فهرس القرآن
التفاسير الأكثر قراءة
كتب أخرىٰ
التفاسير العظيمة
التفاسير العظيمة
يحتوي الموقع على 91 تفسير للقرآن الكريم و 25 كتاب في علوم القرآن
English
القائمة
الرئيسية
القرآن والتجويد
التفاسير
علم القراءات
علوم القرآن
بحث وفهارس
كتب متفرقة
تراجم
دراسات قرانية
الإعجاز العلمي
خريطة الموقع
نبذة عنا
خريطة الموقع
>
التفسير
التفاسير
١ الفاتحة
٢ البقرة
٣ آل عمران
٤ النساء
٥ المائدة
٦ الأنعام
٧ الأعراف
٨ الأنفال
٩ التوبة
١٠ يونس
١١ هود
١٢ يوسف
١٣ الرعد
١٤ إبراهيم
١٥ الحجر
١٦ النحل
١٧ الإسراء
١٨ الكهف
١٩ مريم
٢٠ طه
٢١ الأنبياء
٢٢ الحج
٢٣ المؤمنون
٢٤ النور
٢٥ الفرقان
٢٦ الشعراء
٢٧ النمل
٢٨ القصص
٢٩ العنكبوت
٣٠ الروم
٣١ لقمان
٣٢ السجدة
٣٣ الأحزاب
٣٤ سبأ
٣٥ فاطر
٣٦ يس
٣٧ الصافات
٣٨ ص
٣٩ الزمر
٤٠ غافر
٤١ فصلت
٤٢ الشورى
٤٣ الزخرف
٤٤ الدخان
٤٥ الجاثية
٤٦ الأحقاف
٤٧ محمد
٤٨ الفتح
٤٩ الحجرات
٥٠ ق
٥١ الذاريات
٥٢ الطور
٥٣ النجم
٥٤ القمر
٥٥ الرحمن
٥٦ الواقعة
٥٧ الحديد
٥٨ المجادلة
٥٩ الحشر
٦٠ الممتحنة
٦١ الصف
٦٢ الجمعة
٦٣ المنافقون
٦٤ التغابن
٦٥ الطلاق
٦٦ التحريم
٦٧ الملك
٦٨ القلم
٦٩ الحاقة
٧٠ المعارج
٧١ نوح
٧٢ الجن
٧٣ المزمل
٧٤ المدثر
٧٥ القيامة
٧٦ الإنسان
٧٧ المرسلات
٧٨ النبأ
٧٩ النازعات
٨٠ عبس
٨١ التكوير
٨٢ الانفطار
٨٣ المطففين
٨٤ الانشقاق
٨٥ البروج
٨٦ الطارق
٨٧ الأعلى
٨٨ الغاشية
٨٩ الفجر
٩٠ البلد
٩١ الشمس
٩٢ الليل
٩٣ الضحى
٩٤ الشرح
٩٥ التين
٩٦ العلق
٩٧ القدر
٩٨ البينة
٩٩ الزلزلة
١٠٠ العاديات
١٠١ القارعة
١٠٢ التكاثر
١٠٣ العصر
١٠٤ الهمزة
١٠٥ الفيل
١٠٦ قريش
١٠٧ الماعون
١٠٨ الكوثر
١٠٩ الكافرون
١١٠ النصر
١١١ المسد
١١٢ الاخلاص
١١٣ الفلق
١١٤ الناس
<
1
2
3
4
5
6
7
8
9
10
11
12
13
14
15
16
17
18
19
20
21
22
23
24
25
26
27
28
29
30
31
32
33
34
35
36
37
38
39
40
41
42
43
44
45
46
47
48
49
50
51
52
53
54
55
56
57
58
59
60
61
62
63
64
65
66
67
68
69
70
71
72
73
74
75
>
--- كل المدارس ---
أمهات التفاسير
تفاسير أهل السنة
تفاسير أهل السنة الصوفية
تفاسير أهل السنة السلفية
تفاسير ميسرة
تفاسير الشيعة الإثنى عشرية
تفاسيرالزيدية
تفاسيرالاباضية
تفاسير حديثة
تفاسير مختصرة
--- اختر التفسير---
تفسير القرآن/ الفيروز آبادي (ت817 هـ)
بحر العلوم/ السمرقندي (ت 375 هـ)
النكت والعيون/ الماوردي (ت 450 هـ)
معالم التنزيل/ البغوي (ت 516 هـ)
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز/ ابن عطية (ت 546 هـ)
زاد المسير في علم التفسير/ ابن الجوزي (ت 597 هـ)
تفسير القرآن/ ابن عبد السلام (ت 660 هـ)
مدارك التنزيل وحقائق التأويل/ النسفي (ت 710 هـ)
لباب التأويل في معاني التنزيل/ الخازن (ت 725 هـ)
البحر المحيط/ ابو حيان (ت 754 هـ)
التفسير/ ابن عرفة (ت 803 هـ)
غرائب القرآن و رغائب الفرقان/القمي النيسابوري (ت 728 هـ)
الجواهر الحسان في تفسير القرآن/ الثعالبي (ت 875 هـ)
اللباب في علوم الكتاب/ ابن عادل (ت 880 هـ)
نظم الدرر في تناسب الآيات والسور/ البقاعي (ت 885 هـ)
الدر المنثور في التفسير بالمأثور/ السيوطي (ت 911 هـ)
إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم/ ابو السعود (ت 951 هـ)
مقاتل بن سليمان/ مقاتل بن سليمان (ت 150 هـ)
الكشف والبيان / الثعلبي (ت 427 هـ)
تفسير مجاهد / مجاهد بن جبر المخزومي (ت 104 هـ)
الدر المصون/السمين الحلبي (ت 756 هـ)
التسهيل لعلوم التنزيل / ابن جزي الغرناطي (ت 741 هـ)
التفسير الكبير / للإمام الطبراني (ت 360 هـ)
تأويلات أهل السنة/ الماتريدي (ت 333هـ)
حاشية الصاوي / تفسير الجلالين (ت1241هـ)
تفسير سفيان الثوري/ عبد الله سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري الكوفي (ت161هـ)
تفسير النسائي/ النسائي (ت 303 هـ)
تفسير عبد الرزاق الصنعاني مصور /همام الصنعاني (ت 211 هـ)
محاسن التأويل / محمد جمال الدين القاسمي (ت 1332هـ)
تفسير المنار / محمد رشيد بن علي رضا (ت 1354هـ)
تفسير القرآن العزيز/ ابن أبي زمنين (ت 399هـ)
كتاب نزهة القلوب/ أبى بكر السجستاني (ت 330هـ)
عرض
يَٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ إِذَا لَقِيتُمُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ زَحْفاً فَلاَ تُوَلُّوهُمُ ٱلأَدْبَارَ
١٥
وَمَن يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلاَّ مُتَحَرِّفاً لِّقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزاً إِلَىٰ فِئَةٍ فَقَدْ بَآءَ بِغَضَبٍ مِّنَ ٱللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ ٱلْمَصِيرُ
١٦
فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ قَتَلَهُمْ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ رَمَىٰ وَلِيُبْلِيَ ٱلْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلاۤءً حَسَناً إِنَّ ٱللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ
١٧
ذٰلِكُمْ وَأَنَّ ٱللَّهَ مُوهِنُ كَيْدِ ٱلْكَافِرِينَ
١٨
إِن تَسْتَفْتِحُواْ فَقَدْ جَآءَكُمُ ٱلْفَتْحُ وَإِن تَنتَهُواْ فَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَإِن تَعُودُواْ نَعُدْ وَلَن تُغْنِيَ عَنْكُمْ فِئَتُكُمْ شَيْئاً وَلَوْ كَثُرَتْ وَأَنَّ ٱللَّهَ مَعَ ٱلْمُؤْمِنِينَ
١٩
-الأنفال
أضف للمقارنة
تأويلات أهل السنة
قوله: {يَٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ إِذَا لَقِيتُمُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ زَحْفاً فَلاَ تُوَلُّوهُمُ ٱلأَدْبَارَ}.
كان أول الأمر بالقتال وفرضه كان لبذل الأنفس للهلاك؛ لأنه ذكر الزحف، والزحف هوالجماعة والعدد الذي لا يعد، وليس للواحد القيام للجماعة، فكان فرض القتال لبذل الأنفس للقتل؛ وعلى ذلك يخرج قوله:
{ إِن يَكُن مِّنكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُواْ مِئَتَيْنِ }
[الأنفال: 65]، وليس في وسع الواحد القيام لعشرة إذا أحيط به، ويجوز أن يفرض بذل الأنفس للقتال؛ كقوله:
{ وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ ٱقْتُلُوۤاْ أَنْفُسَكُمْ أَوِ ٱخْرُجُواْ مِن دِيَارِكُمْ مَّا فَعَلُوهُ إِلاَّ قَلِيلٌ مِّنْهُمْ }
[النساء: 66]، أخبر أنه لو أمر بذلك لم يفعل إلا القليل منهم، فجائز الأمر بذلك امتحاناً منه لهم، فإن احتمل ما ذكرنا كان قوله:
{ كَأَنَّمَا يُسَاقُونَ إِلَى ٱلْمَوْتِ }
[الأنفال: 6] هو على التحقيق؛ إذ إلى ذلك يساقون.
ويحتمل وجهاً آخر، وهو أن الله - عز وجل - أمر بذلك ليكون آية، ويعرف كل أحد أنه إنما قام بالله، لا بقوة نفسه؛ إذ ليس في وسع أحد القيام لعشرة أو لجماعة بقوته إذا أحيط به، فهو على الآية إن كان فيه ما ذكرنا، والله أعلم.
وقوله: {فَلاَ تُوَلُّوهُمُ ٱلأَدْبَارَ * وَمَن يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلاَّ مُتَحَرِّفاً لِّقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزاً إِلَىٰ فِئَةٍ}.
والمتحرف للقتال: هو المتنقل من مكان إلى مكان للحرب، والمتحيز إلى فئة: هو الملتجئ إلى فئة على جهة العود إليهم والحرب، يقال: تحوزت وتحيزت، بالواو والياء جميعاً، وهما تحوز الحرب.
وفيه النهي عن الانهزام والتولي عن العدو، إلا ما ذكر من التحرف للقتال أو التحيز إلى الفئة على جهة العود إليهم.
ثم أخبر أن من ولى دبره بسوى ما ذكر {فَقَدْ بَآءَ بِغَضَبٍ مِّنَ ٱللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ ٱلْمَصِيرُ}.
قالت المعتزلة: دل ما أوعد المتحرف بغير قتال والمتحيز إلى غير الفئة بقوله: {فَقَدْ بَآءَ بِغَضَبٍ مِّنَ ٱللَّهِ} - أن مرتكب الكبيرة يخلد في النار؛ لأنه ذكر في أول الآية المؤمنين، ولهم خرج الخطاب بقوله: {يَٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ إِذَا لَقِيتُمُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ زَحْفاً}، ثم أوعد لهم الوعيد الشديد ما يوعد أهل النار غير أهل الإيمان؛ فدل أنه يخرج عن الإيمان بارتكاب الكبيرة، ويخلد في النار.
وقالوا: لا يجوز صرف الآية إلى أهل النفاق؛ لما ذكر في القصة أنه لم يكن يوم بدر منافق.
لكن هذا غلط؛ قال الله - تعالى -:
{ إِذْ يَقُولُ ٱلْمُنَافِقُونَ وَٱلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ غَرَّ هَـٰؤُلاۤءِ دِينُهُمْ }
[الأنفال: 49]، وإنما قالوا ذلك يوم بدر؛ كذلك ذكر، والله أعلم.
وقوله - عز جل -: {إِلاَّ مُتَحَرِّفاً لِّقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزاً إِلَىٰ فِئَةٍ}، فإن كان مستثنى من قوله: {فَقَدْ بَآءَ بِغَضَبٍ مِّنَ ٱللَّهِ}، لم يكن فيه رخصة التولي، ولكن فيه دفع الوعيد الذي ذكر، وإن كان مستثنى من قوله: {وَمَن يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ}، ففيه رخصة التولي إلى ما ذكر.
ثم الدلالة على أنه مستثنى من هذا دون الأول ما جاء عن غير واحد من الصحابة توليه الدبر إلى ما ذكر، وكذلك روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:
"أنا فئة لكل مسلم"
.
وبعد، فإنه لم يكن لأهل الإسلام فئة يوم بدر يتحيزون إليها، فدل أنها في المنافقين وأهل الكفر، والله أعلم.
ثم يقال: يجوز أن يكون ما ذكر من الوعيد لمعنى في التولية عن الدبر والإعراض، لا لنفس التولية عن الدبر؛ إذ قد ذكر التولية عن الدبر في آية أخرى، والعفو عن ذلك، وهو قوله - تعالى -:
{ إِنَّ ٱلَّذِينَ تَوَلَّوْاْ مِنكُمْ يَوْمَ ٱلْتَقَى ٱلْجَمْعَانِ إِنَّمَا ٱسْتَزَلَّهُمُ ٱلشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُواْ... }
[آل عمران: 155] الآية.
فإن قيل: لعل التوبة مضمرة فيه، تابوا فعفا عنهم.
قيل: إن جاز أن تجعل التوبة مضمرة فيها، جاز أن يضمر في التولية عن الدبر الردة، فليست تلك أولى بإضمار التوبة من هذه بإضمار الردة، وفي الآية معان تدل على الإضمار؛ إضمار ما يوجب الوعيد الذي ذكر - والله أعلم -:
أحدها: ذكر التحيز إلى الفئة، وإذا لم يكن للمسلم فئة يتحيز إليها، فإذا تحيز إنما يتحيز ليصير إلى العدو، فهو الردة التي ذكرنا.
والثاني: ما ذكر في بعض القصة أنه لما اصطف القوم رفع رسول الله صلى الله عليه وسلم يديه، فقال:
"يا رب، إن تهلك هذه العصابة، فلن تعبد في الأرض أبداً"
، ومن هرب أو ولى الدبر عن مثل تلك الحال، لم يول إلا لقصد ألا يعبد، فهو كفر.
والثالث: قد وُعِدَ لهم النصر والظفر على العدو، فمن ولى الدبر، لم يول إلا لتكذيب بالوعد الذي وُعِدَ لهم.
وقوله - عز وجل -: {فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ قَتَلَهُمْ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ رَمَىٰ}.
قيل فيه بوجوه:
يحتمل قوله: {فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ}، أي: لم تكن جراحاتكم التي أصابتهم بمصيبة المقتل، ولا عاملة في استخراج الروح، ولا كانت قاتلة، ولكن الله - تعالى - صيرها قاتلة مصيبة المقتل، عاملة في استخراج الروح؛ لأن من الجراحات ما إذا أصابت لم تصب المقتل، ولا عملت في استخراج الروح.
وقوله: {فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ...} الآية يخرج على وجوه:
أحدها: أن العبد لا صنع له في القتل واستخراج الروح منه، إنما ذلك فعل الله، وإليه ذلك، وهو المالك لذلك؛ لأن الضربة والجرح قد يكون ولا موت هنالك؛ وكذلك الرمي، ليس كل من أرسل شيئاً من يده فهو رمي، إنما يصير رمياً بالله إنشاء السهم حتى يصل بطبعه المبلغ الذي يبلغ؛ فكأنه لا صنع له في الرمي.
ألا ترى أنه لا يملك رد السهم إذا أرسله، ولو كان فعله لملك رده؛ ولهذا قال أبو حنيفة -
رحمه الله
-: إن الاستئجار على القتل باطل.
والثاني: قتلوا بمعونة الله ونصره؛ كما يقول الرجل لآخر: إنك لم تقتله، وإنما قتله فلان، أي: بمعونة فلان قتلته؛ فعلى ذلك الأول.
وقوله: {وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ رَمَىٰ}، أي: ما أصاب رميك المقصد الذي قصدت، ولكن الله بالغ ذلك المقصد الذي قصدتم.
والثالث: {فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ}، أي: لم تطمعوا بخروجكم إليهم قتلهم؛ لأنهم كانوا بالمحل الذي وصفهم من الضعف وشدة الخوف والذلة كأنما يساقون إلى الموت، فإذا كانوا بالمحل الذي ذكر فيقول - والله أعلم -: لم تطمعوا بخروجكم إليهم وقصدكم إياهم قتلهم؛ لما كان فيكم من الضعف وقوة أولئك، ولكن الله أذلهم، وألقى في قلوبهم الرعب والخوف حتى قتلتموهم؛ وكذلك قوله: {وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ رَمَىٰ} لا يطمع الإنسان برمي كف من تراب النكبة بأعدائه، ولكن الله رمى حيث بلغ ذلك، وغطى أبصارهم وأعينهم بذلك الكف من التراب؛ على ما ذكر في القصة أنه رمى كفّاً من تراب فغشى أبصار المشركين، فانهزموا لذلك.
ويحتمل أن تكون نسبة هذه الأفعال إلى نفسه وإضافتها إليها، لما نسب وأضاف كل خير ومعروف إلى نفسه؛ من ذلك قوله:
{ يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُواْ... }
الآية [الحجرات: 17]، وقوله:
{ وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَآءُ }
[البقرة: 272]، وقوله:
{ ٱهْدِنَا ٱلصِّرَاطَ ٱلْمُسْتَقِيمَ }
الآية [الفاتحة: 6]، وغير ذلك من الآيات التي فيها إضافة الأفعال التي خلصت لله وصفت [له]؛ فعلى ذلك نسب فعلهم إلى نفسه؛ لخلوصه وصفائه له، والله أعلم.
وقوله - عز وجل -: {وَلِيُبْلِيَ ٱلْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلاۤءً حَسَناً}.
أي: نعمة عظيمة؛ حيث نصرهم على عدوهم مع ضعف أبدانهم، وقلة عددهم، وكثرة أعدائهم، وقوة أبدانهم وعدتهم، وهو ما ذكر في هلاك فرعون وقومه أنه بلاء من ربكم عظيم بقوله:
{ وَفِي ذَٰلِكُمْ بَلاۤءٌ مِّن رَّبِّكُمْ عَظِيمٌ }
[البقرة: 49]؛ فعلى ذلك هذا، والله أعلم.
وقوله - عز وجل -: {إِنَّ ٱللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ}.
أي: سميع لدعائكم الذي دعوتم، وتضرعكم الذي تضرعتم إليه.
أو أن يقول: {سَمِيعٌ}، أي: مجيب لدعائكم، {عَلِيمٌ}: بأقوالكم وأفعالكم، التي تسرون وتعلنون، والله أعلم.
وقوله - عز وجل -: {ذٰلِكُمْ وَأَنَّ ٱللَّهَ مُوهِنُ كَيْدِ ٱلْكَافِرِينَ}.
قوله: {ذٰلِكُمْ}، أي: ذلك كان بهم من القتل والأسر والهزيمة لما أوهن وأضعف كيدهم تعالى.
ويحتمل أن يكون صلة قوله: {وَلِيُبْلِيَ ٱلْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلاۤءً حَسَناً}، أي: ذلك الإنعام والإبلاء الذي من الله عليكم لما أوهن كيدهم، وذلك يكون في جملة المؤمنين، ما من مؤمن إلا وله من الله إليه إبلاء وإنعام في كل حال لإيهانه كيد الكافرين.
وقوله: {إِن تَسْتَفْتِحُواْ فَقَدْ جَآءَكُمُ ٱلْفَتْحُ}.
الاستفتاح يحتمل وجوهاً ثلاثة:
يحتمل الاستكشاف وطلب البيان، ويكون طلب النصر والمعونة؛ كقوله:
{ وَكَانُواْ مِن قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ }
[البقرة: 89]، أي: يستنصرون، ويكون طلب الحكم والقضاء بين الحق والباطل؛ يقال: فتح بكذا، أي: حكم به وقضى، فهو يخرج على وجهين: على طلب بيان المحق من المبطل، وطلب بيان أحق الدينين بالنصر والحكم؛ فقد بين الله لهم أحق الدينين ما ذكر في القصة أن أبا جهل قال: اللهم اقض بيننا وبين محمد، فقال: اللهم أينا كان أوصل للرحم وأرضى عندك فانصره. ففعل الله ذلك، ونصر المؤمنين، وهزم المشركين، فنزلت هذه الآية.
وقيل: إنه دعا: اللهم انصر أعز الجندين وأكرم الفئتين وخير القبيلين؛ فكان ما ذكرنا؛ فقد بين الله - عز وجل - أحق الدينين، وأعزّ الجندين لما هزم المشركين مع قوتهم وعدتهم، وكثرة عددهم بفئة ضعيفة، ذليلة، قليلة العدد، وضعيفة الأبدان والأسباب - دل أنه قد بين لهم الأحق من غيره.
وقيل: إنهم استفتحوا بالعذاب، وكان استفتاحهم ما قالوا:
{ ٱللَّهُمَّ إِن كَانَ هَـٰذَا هُوَ ٱلْحَقَّ مِنْ عِندِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِّنَ ٱلسَّمَآءِ أَوِ ٱئْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ }
[الأنفال: 32]، فجاءهم العذاب يوم بدر، وأخبرهم يوم أحد: {وَإِن تَعُودُواْ نَعُدْ وَلَن تُغْنِيَ عَنْكُمْ فِئَتُكُمْ شَيْئا...} الآية، والاستفتاح هو ما ذكرنا.
قال الحسن: الفتح القضاء.
ولذلك قال قتادة: قالوا: إن تستقضوا فقد جاءكم القضاء في يوم بدر؛ كقوله:
{ رَبَّنَا ٱفْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِٱلْحَقِّ... }
الآية [الأعراف: 89].
وقال القتبي: قوله: {إِن تَسْتَفْتِحُواْ}: تسألوا الفتح، وهو النصر، {فَقَدْ جَآءَكُمُ} وهو ما ذكرنا.
وقوله - عز وجل -: {وَإِن تَنتَهُواْ فَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ}.
يحتمل قوله: وإن تنتهوا عما كنتم، فهو خير لكم يغفر لكم؛ كقوله:
{ إِن يَنتَهُواْ يُغَفَرْ لَهُمْ مَّا قَدْ سَلَفَ }
[الأنفال: 38].
وقيل: وإن تنتهوا عن قتل محمد، فهو خير لكم من أن ينتهي محمد عن قتالكم.
وقوله: {وَإِن تَعُودُواْ نَعُدْ} يحتمل: وإن تعودوا إلى قتال محمد، نعد إليكم من القتل، والقتال، والأسر، والقهر.
ويحتمل: وإن تعودوا نعد إلى البيان والكشف إلى ما كنتم [من] قبل البيان من التكذيب والكفر لمحمد، نعد إلى الانتقام والتعذيب؛ كقوله: {وَإِنْ يَعُودُواْ فَقَدْ مَضَتْ سُنَّتُ الأَوَّلِينَ}.
وقوله - عز وجل -: {وَلَن تُغْنِيَ عَنْكُمْ فِئَتُكُمْ شَيْئاً وَلَوْ كَثُرَتْ وَأَنَّ ٱللَّهَ مَعَ ٱلْمُؤْمِنِينَ}.
بالنصر والمعونة.
فإن قيل: ذكر أنه لن تغني عنكم فئتكم وكثرتكم، وقد أغناهم كثرتهم يوم أحد؛ حيث ذكر أن الهزيمة كانت على المؤمنين.
قيل: هذا لوجهين:
أحدهما: أن عاقبة الأمر كانت للمؤمنين، وإن كان في الابتداء كان عليهم فلن يغني عنهم ذلك؛ على ما ذكر؛ لأنه لو أغناهم ذلك لكان لهم الابتداء والعاقبة.
والثاني: أنه لم تكن النكبة والهزيمة على المؤمنين إلا لعصيان [كان] منهم؛ لقوله:
{ وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ ٱللَّهُ وَعْدَهُ.... }
الآية [آل عمران: 152]، فما أصاب المؤمنين من النكبات إنما كان بسبب كان منهم، لا بالعدو؛ لذلك كان الجواب ما ذكر، والله أعلم.
x
x
x
x
x
x
x
x
x
x
اختر كتب التفسير المراد اضافتها للمقارنة :
--- كل المدارس ---
أمهات التفاسير
تفاسير أهل السنة
تفاسير أهل السنة الصوفية
تفاسير أهل السنة السلفية
تفاسير ميسرة
تفاسير الشيعة الإثنى عشرية
تفاسيرالزيدية
تفاسيرالاباضية
تفاسير حديثة
تفاسير مختصرة
موافق
أعلى الصفحة
2023 © جميع الحقوق محفوظة